سبتمبر انطلاق شرارة الفخر والعز الارتري
بقلم المناضل: علي محمد صالح شوم - دبلوماسى أرترى سابق، لندن
ينشد الشاعر المرهف عبد القادر ميكال للثورة قائلا:
إني أسمع أجراسا
إني أسمع أجراسا وطبول
مزامير حماسية
وزغرودة لأم شهيد
ومقاتل
إنها شارات النصر
الفرحة الوضاءة
تأتينا من رحم الماضي
سنابل قمح
زرعا أخضر وحقول
مساحات تمتد
إلى الآفاق المنسية
تروى ظمأ الأبطال
في هذى اللحظات
تحضرني قناديل عطاء
لرفاق أثروا درب الحرية
خطوا بدم أحمر صفحات التاريخ
تاريخك يا سبتمبر
سبتمبر يا نصرنا الأول
يا شعلة الثوار
فلنغنى يا رفاقي
لشهيد لم يمت منا
لشهيد بذرة في الأرض فينا
فاليوم تمتزج دماء الشهداء
فلتتحد أيادي الأحياء
لأنها شمس الحرية
شمسك يا بلادي
فلنمد الأيادي وقسمنا شرف الشهداء
فآه وطني يا سنبلة الأحرار أشتاق إليك في هذه الأثناء
في هذه الأثناء
وبعد هذه الأبيات الرائعة أود أن أهنئ شعبنا العظيم بمناسبة الذكرى التاسعة والخمسين لانطلاق الشرارة الأولى للثورة الارترية بقيادة الرمز والقائد الشهيد البطل حامد ادريس عواتي، طيب الله ثراه.
إن اعتزازنا بهذه المناسبة الوطنية العظيمة ينبغي أن يكون لنا حافزا من أجل مسيرتنا ضد الظلم والطغيان وتعزيز وحدتنا الوطنية من أجل الوصول إلى ما نصبوا إليه.
بهذه المناسبة العزيزة أدعو جميع الارتريين بمختلف توجهاتهم السياسية أن يقفوا وقفة تأمل لمراجعة وتقييم ما حدث منذ الاستقلال ومعاناة الشعب الارتري من الزمرة الحاكمة والمتحكمة في جميع مقدرات الشعب الارتري. هذا الشعب الذي احتضن وقدم الكثير للثورة الارترية كان ينبغي أن يكرم ويعوض بالعمل على رفع شأنه، إلا أنه ومن المؤسف أن التحرير أصبحا وبالا عليه.
لأن هذه الزمرة الحاكمة لم يكن لها أي إحساس ومسئولية تجاه هذا الشعب بل همها الأكبر كان كيف تسيطر على الحكم من اجل تحقيق أهدافها السيئة والتي خططت لها في مرحلة النضال، هذه الزمرة أساءت للتضحيات والبطولات التي قدمها هذا الشعب العظيم في مواجهة الجيش الاثيوبي الذي كان يتفوق بالعدة والعتاد وكان مدعوما من قبل القوى الخارجية بالمال والعتاد والدعم السياسي.
بالرغم من ذلك الثورة الارترية وبمختلف فصائلها سطرت ملاحم بطولية لم يكن لها مثيل، سمعنا عن ثورة الجزائر والثورة الفيتنامية والثورة الفلسطينية إلا أن البطولات التي قام بها الثوار الارتريون من أعمال بطولية نذكر منها تحرير معظم المدن والقيام بعمليات فدائية نوعية في جميع المدن بالرغم من الحماية والدوريات المكثفة من قبل قوات العدو إلا أن هذا السياج كان يتم اختراقه وكان يتم تنفيذ العمليات بشكل هادئ وعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر بعض العمليات:-
• عملية أغردات الشهيرة أثناء القاء خطاب ممثل الامبراطور هيلي سيلاسي في حشد جماهيري حيث جرح في العملية ممثل الامبراطور اسفها ولد مكئيل رئيس السلطة التنفيذية في ارتريا ومساعد ممثل الامبراطور قمولا تشو بلطي، كما جرح حامد فرج رئيس الجمعية الوطنية الارترية ونائبه ملاكي سلام ديمطروس وعدد من المسئولين. هذه العملية كانت رسالة قوية للعدو وأعوانه.
• مقتل العميد بزابه الذي كان يقود عصابة تقوم باغتيالات في العاصمة اسمرا. مقتل العميل الشهير الذي كان يقوم بالتعذيب "اماري". مقتل الجنرال يلما الم قائد الفرقة الثانية في اسمرا.
• مقتل العميد قبري كيدان مدير الشرطة في كرن. مقتل رجل المباحث الخطير "كحساي" في أغردات وهذا العمليات كانت في بداية الستينات.
• الهجوم على بنك أغردات وبنك الحمرا والاستيلاء على جميع ما كان في البنكين.
• تحرير السجناء من سجن سمبل المشهور وأيضا تحرير السجناء من عدي خوالا هذه العمليات أذهلت العدو.
• كما قام الثوار بحرف مسار قطار "لوترينا" عن مساره.
• إحراق طائرات رابضة في مطار اسمرا. اسقاط طائرتين في الريف الارتري، للأسف هذه العمليات لم يتم تغطيتها في ذلك الحين من قبل وسائل الاعلام الإقليمية والدولية، حيث كان هناك تعتيم مقصود تجاه الثورة الارترية ولكن الثورة الارترية فرضت نفسها وأصبحت امرا واقعا وبدأ الجميع في التعامل معها.
وعلينا أن نتذكر الماضي العظيم ليكون حافزا لنا، كما ينبغي علينا أن نتذكر شهدائنا وجرحانا والمناضلين الذين ضحوا من أجلنا وأن نكون أوفياء لهم. منذ اعلان الاستقلال هؤلاء لم يتم الاعتناء بهم وهذه مسئولية كبيرة وسوف تلاحقنا اللعنة على التقصير في حقوقهم.
وأود أن اشير هنا إلى أن معاناة شعبنا تزداد سوءا يوميا حيث بدأت اعداد كبيرة من الشباب بالهجرة وبأعداد كبيرة البعض منهم وصل واستقر والبعض الآخر قضوا نحبهم في الصحاري والبحار، وكارثة لامبيدوزا الشهيرة والتي راح ضحيتها العشرات نموذج حي لحجم المأساة وأيضا هناك شباب أصبحوا فريسة لتجار البشر وهذه حالة يرثى لها من المؤسف جدا نحن نتصارع في أمور هامشية ولم نحس بهذه المعاناة إضافة إلى ذلك هذه الخلافات توظف في خدمة النظام الجاثم على رؤوس شعبنا وتطيل من عمره وهو بدوره يغذي وبعمق الخلافات من خلال العملاء وهو يهدر أموالا كثيرة من أجل ذلك.
وأمامنا أيضا معاناة اللاجئين في الشتات منذ نهاية الستينات وفي المعسكرات في اليمن واثيوبيا، معاناة لا يلتفت إليها العالم. وهناك القضية الإنسانية للمغيبين في السجون والزنازين والذين لا تعرف أماكن أو ظروف احتجازهم، وهؤلاء يستصرخون ضمائرنا للتحدث عنهم وعن مأسي اسرهم وذويهم ونطالب بالإفراج الفوري عنهم. وللأسف اصبح الانسان الارتري رخيصا لدرجة أن تجار البشر يبيعون أعضاء الارتريين مثل قطع غيار السيارات، فما أعظم مأساة الانسان الارتري في ظل هذه الظروف.
وعليه أدعو الجميع أن يتحملوا مسئولياتهم وأن يرتقوا إلى مستوى المسئولية والقيام بعمل من أجل انقاذ البلاد والشعب من هذا الكابوس الجاثم فوقهم.
سؤال يطرح نفسه بقوة: مادام الهدف واحد وهو إسقاط النظام فلماذا هذا التباعد ؟
وعليه يجب أن نتحمل مسئولياتنا جميعا وأن ندعو إلى اجتماع عام لجميع المكونات السياسية بهدف الوصول إلى رؤية موحدة تضع برنامجا مرحليا باتفاق الجميع والعمل بموجبه وبعد تحرير الشعب من هذا الكابوس ومن خلال استفتاء يختار الشعب قيادته وبرنامجه وعلينا أن نسرع لأن العالم حولنا يشهد يوميا تطورات ومنطقتنا أصبحت مستهدفة بسبب موقعها الاستراتيجي ومالها من موارد لم تستغل كما ينبغي.