اليمن بوادر أزمة دبلوماسية وعسكرية مع إريتريا إثر محاولة اقتحام جزيرة حنيش
بقلم الأستاذ: خالد الحمادي المصدر: القدس العربي
تعز «القدس العربي»: تلوح في الأفق بوادر أزمة دبلوماسية وعسكرية بين اليمن وإريتريا،
إثر تصاعد التوترات العسكرية بين البلدين في البحر الأحمر خلال الأيام الماضية، على خلفية محاولة قوات إريترية اقتحام جزيرة حنيش الكبرى بأربعة قوارب تقل على متنها مسلحين، إضافة إلى عمليات متكررة لاختطاف صيادين يمنيين ومصادرة قواربهم.
احتلال جزر:
وتعيد هذه الأزمة العسكرية بين اليمن وإريتريا إلى الأذهان حادثة احتلال إريتريا لجزر حنيش الكبرى والصغرى وزقر، منتصف تسعينيات القرن الماضي، ما أدى إلى أزمة دبلوماسية وعسكرية بين البلدين الجارين، ولكن صنعاء قررت حينها عدم خوض مواجهات عسكرية مع إريتريا لأنها لم تكن مؤهلة عسكرياً لخوض معركة على البحر، وكانت خرجت لتوها منهكة من حرب صيف 1994 بين القوات الشمالية والجنوبية، ولجأت صنعاء في ذلك الوقت إلى المحاكم الدولية لاستعادة أحقيتها في امتلاك جزر حنيش الكبرى والكبرى وزقر، واستعادتها سلمياً بعد عدة سنوات من التقاضي مع أسمرى.
وطالب وزير الثروة السمكية في اليمن، فهد كفاين، أمس الخميس، دولة إريتريا بإطلاق سراح صيادين يمنيين اتهم أسمرى باختطافهم ضمن عمليات قرصنة إريترية متكررة على الصياديين اليمنيين في مياه البحر الأحمر، وشدد على ضرورة التوقف عن ممارسة الاعتداءات على الصيادين اليمنيين.
وكشف كفاين، في تصريح بصفحته الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، أن القوات المسلحة الإريترية تقوم بعمليات «اعتداءات متكررة من الجانب الإريتري على الصيادين اليمنيين في المياه اليمنية واختطاف العشرات منهم ومصادرة قواربهم».
وشدد على أن «مثل هذه الممارسات الإريترية غير مقبولة وينبغي أن تتوقف»، موضحاً أن آخر حوادث اختطاف الصياديين اليمنيين من قبل إريتريا وقعت قبل ثلاثة أيام وفقاً لبلاغات من قبل هيئة المصايد السمكية في البحر الأحمر والاتحاد التعاوني السمكي اليمني ومن الصيادين أنفسهم في اليمن. وطالب الوزير اليمني الحكومة الإريترية بالتوقف الفوري عن ارتكاب «هذه الممارسات وإطلاق سراح الصيادين الذين تم اختطافهم من المياه الاقليمية اليمنية وتسليم القوارب والمعدات التي تم الاستيلاء عليها» من قبل القوات الإريترية.
كذلك، أعلن الناطق العسكري باسم القوات المشتركة اليمنية في الساحل الغربي العقيد وضاح الدبيش، أن «قوات خفر السواحل اليمنية أسرت 8 جنود إريتريين أثناء دخولهم المياه الإقليمية، بالقرب من جزيرة حنيش اليمنية، قرب مضيق باب المندب الرابط بين البحر الأحمر وخليج عدن».
”اختطاف صيادين واعتقال جنود ودعوة لوقف ممارسة الاعتداءات“
وأوضح أن «أربعة زوارق بحرية إريترية دخلت المياه الإقليمية اليمنية للمرة الثانية بعد ساعات قليلة من اختطافها لأربعة صيادين يمنيين، ما اضطر قواتنا المسلحة للتصدي لها والقبض على زورقين إريتريين وهروب اثنين». مشيراً إلى أن الزورقين الذين تم احتجازهما كانا يقلان على متنهما 8 جنود إريتريين بينهم قائد المجموعة، 4 منهم بلباس عسكري و4 بلباس مدني وجميعهم مسلحون، ومن ثم تم إخضاعهم للتحقيق. في غضون ذلك، كشف مصدر دبلوماسي يمني لـ«القدس العربي» عن احتمالية وقوف دولة الإمارات العربية المتحدة وراء عملية الدفع بإريتريا لخلق توتر عسكري في مياه البحر ضد قوات الحكومة الشرعية في محاولة من أبوظبي لإشغال القوات الحكومية بهذه المواجهة العسكرية مع إريتريا عن المواجهات الدائرة بين القوات الحكومية وميليشيا المجلس الانتقالي المدعومة من دولة الإمارات في محافظات أبين وشبوة وأيضاً جزيرة سقطرى، والتي تحاول أبوظبي السيطرة عبر الميليشيا الجنوبية التي أنشأتها خلال الخمس السنوات الماضية من تواجد القوات الإماراتية في اليمن.
وأوضح أن «دولة إريتريا تعد حليفا قويا لدولة الإمارات، حيث تستأجر أبوظبي قواعد عسكرية في أراض إريترية مجاورة لليمن استخدمتها الإمارات خلال السنوات القليلة الماضية لتدريب ميليشيا المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي، المدعوم من أبوظبي والمناهض للحكومة الشرعية في اليمن».
وأشار إلى أن «التوقيت لتصاعد هذه المناوشات والتحرشات العسكرية الإريترية بالجزر اليمنية غير بريء، وذو صلة بالمواجهات المسلحة بين القوات الحكومية والميليشيا الانفصالية في الجنوب، والتي تقف دولة الإمارات بشكل واضح وراء كل هذه التصعيدات العسكرية، سواء في المحافظات الجنوبية أو في الجزر اليمنية».
وكانت دولة الإمارات وقعت في أزمة عسكرية كبيرة خلال الأسبوع الحالي، في محافظة أبين، جنوبي اليمن، عندما تم نشر فيديوهات وصور عن امتلاك ميليشيا المجلس الانتقالي الجنوبي صواريخ حرارية أمريكية الصنع بتقنية حديثة زودتهم بها دولة الإمارات العربية المتحدة، وكان من المفترض ألا تخرج هذه الصواريخ عن إطار الجيش الإماراتي وبالذات عدم وصولها إلى أيدي مجموعات مسلحة غير نظامية.
فضيحة إماراتية:
وتمحورت هذه الفضيحة العسكرية الإماراتية بوصول هذه الصواريخ المملوكة لها إلى أيدي ميليشيا المجلس الانتقالي، وبالذات إلى أيدي القائد العسكري الميداني لميليشيا الانتقالي عبد اللطيف السيد، الذي ظهر في الفيديو وهو يستخدم هذه الصواريخ الحرارية المحمولة فوق عربة عسكرية إماراتية، وهو الرجل المتهم بانتمائه لتنظيم «القاعدة» في جزيرة العرب، واسمه في قائمة المطلوبين أمنياً بهذه التهمة، حيث اشتهر السيد في العام 2011 عندما كان قائداً لفصيل من تنظيم القاعدة والذي تزعّم إسقاط مدينة جعار، ثاني كبرى مدن محافظة أبين، وأصبح الرجل حالياً قائداً لقوات الحزام الأمني في محافظة أبين، جنوبي اليمن، والتي تعد أحد فصائل الميليشيا الجنوبية المدعومة إماراتياً والذي يقود المعارك ضد القوات الحكومية في محافظة أبين منذ عدة شهور.