مستقبل الوطن بالنسبة للتعايش لا يبشر بالخير لماذا؟
بقلم الأستاذ: عبدالرحيم خليفة محمود - ملبورن، أستراليا المصدر: عونا
فكرت كثيرا، قبل ان أتناول هذا الموضوع، فوضعته جابنا لعدة مرات حيث انني لا اريد ان اننزل موضوعا كهذا
له تداعياته نسبة لشعوري التحفظي بالكثير مما اعلم عن الجانب الآخر "الشريك" في الوطن لاني عايشتهم ايضا، لتاكدي بانه موضوع "متشاءم"!. ولكن، كثيرا ما راودتني نفسي، حتى شعرت بأنني خاءنا لمجتمعي المظلوم اذا لم انشره، وأنه يحتم علي اليوم تنبيه المجتمع بما يجري من تزيف وتشويه للحقائق حتى لا نزيده خزلانا وجهلا في خزلانه واهماله المستمر. وعليه، بدأت أسطر هذه المعلومة الدقيقة التي تلقيتها من معاريف "وشهد شاهد من اهلها" الذين تعايشوا وخدموا معي طوال حياتنا في الوطن أكثره في العاصمة "اسمرا".
فرغم اهمية الموضوع، سوف لا اتطرق كثيرا على التفصيل فالعاقل يفهم بالدليل كما هو في الاقوال:
الواهمون منا يفتكر، بأن مشكلتنا في الوطن ستنحل فقط عند ما يزول "فرعون ارتريا وزمرته عن الحكم"!. ولكن:
على الجميع ان يفهم بأن الناس في الداخل قد تغير مفاهيمها وأفكارها وعقائدها تماما.
نعود لنرى كيف كانت الحالة في الداخل قبل دخول ثغور الجبهة الشعبية الى المدن؟
ولماذا تغيرت وكيف تغيرت؟
كانت الحالة حينها عادية لا يشوبها شيء، وكأنه تعايش سلمي، كل ماشي حسب ظروفه وامكاناته، لا يتعدى هذا او ذاك على احد همه المعيشي وكيف يتوافق مع ظروفه المادية اي الاقتصادية، والسياسية حيث كان همهم هم جميع المواطنين عن كيفية إزاحة المستعمر الاثيوبي وانتصار أبناءهم المكافحين بالميدان.
هكذا كان دندن الجميع وكأن خروج المستعمر سيأتي إليهم بالأمن والسلام والاستقرار كما نتوهم ونتوقع ذلك نحن اليوم، وبالتالي، بدأ البناء والتعمير. ولم يتوقع احد قط ما يحصل اليوم من سجن وقتل وتشريد، وفوق كل هذا وذاك عن موضوعنا الذي بصدده أريد أن أركز لاهميته بالنسبة للمواطنة الحقيقية.
وهنا يبدأ السؤال، كيف سيكون حال المجتمعات الارترية بعد زوال نظام الدولة الارهابية؟ ولماذا؟
الجواب: في حقيقة الامر جوابي سيكون صادما وهي الحقيقة المرة.
فالحالة في نظري ستكون أسوء مما يتصوره الكثيرون منا!. ذلك لأن هناك تغير جزري في وعي المجتمعات في الداخل بسبب ما يجري من تثقيف خاطئ بل وشحنهم بتوجيهات من كوادر منظمة في الكنائس وأماكن تجمعاتهم الخاصة وتلقينهم بالاساطير الكاذبة، فقد بدأ "ابليس" بانشاء كوادر لهذا الغرض يسمونهم "داياقونات" ادنى من القساوسة يقومون بتدريس الناس بافكار ومعلومات كاذبة عن الاسلام والمسلمين، يحذرونهم بالحرف الواحد، من الإرهاب الإسلامي عموما، ومن العدو الأول لهم "المسلم الارتري"، قائلين لهم انتبهوا من العدو الأول، وهو: "المسلم الارتري"!. وهذا يعكس فعلا في تشتيت افكار الاجيال الصاعدة وترسيخ هذه الافكار الخطيرة!. وهكذا قد تغير وتبدل التعامل الانساني الارتري السليم، من البرائة الى الخيابة والدنائة والكراهية العمياء، فزاد الحقد والحسد والوقوف جاهزين على عتبة التفرقة العنصرية والطائفية العمياء في المستقبل.
اليك تاكيد هذه الحالة، كانت عندي خادمة منهم عاشت معي وربت اولادي حتى دخول الثورة. حينها تقدم لها احد الجنود، فقد شاركت انا في ترتيبات امور الزواج لها وكأني الاب الثاني في أسرتها. واستمرت الحالة والعلاقة بل زاد التواصل مع بناتي حتى وصل بهن ان واحدة من بناتي طلبت لها "فيزة" كعاملة الى احد الدول الخليجية المجاورة، لتستفيد اقتصاديا من الازمة الخانقة التي يعيشها شعبنا في الداخل، ثم عادت بخيراتها. أثناء وجودها كانت تتحدث بمرارة عن كل ما كان يحصل في الوطن وكيف ان الحكومة تعمل جاهدة لتغير المجتمع بخلق الفتن والكراهية بين المسيحيين والمسلمين فتغيرت مفاهيم المجتمع الطيب تماما وانه من الصعوبة أن تعود تلك الألفة والمحبة بين المجتمعين، وكيف أن التوعية التي تقوم بها كوادر الحكومة السامة في الكنائس ولدت الكراهية العمياء، بينهم، والجدير بالذكر انها (الخادمة) تحترق عند ما تتذكر كيف أنها تجد الكراهية والبغض الدفين التي اثرت على افراد اسرتها، والادهى والامر انهم يكرهون دون ادنى سبب فقط بسبب التوعية العمياء التي يلقنوهم في كل يوم الاحد، كما يحملونهم رسم السليب ذات الاحجام الكبيرة على ملابسهم وأجزاء من جسمهم بأشكال غير عادية ومغذذ للغاية وانهم يفعلون ذلك لاحراج المسلمين أين ما وجدوا وجعلهم يكرهون البلد بل وحملهم واجبارهم على ترك البلد كليا. حتى تجرؤا عليها وامروها ان تقطع العلاقة والتواصل معنا، ولكنها رفضت ذلك.
اما سبب هروب شبابهم الى الخارج لم يتوقف على المسلم بل انه أمر عام لأسباب غيرها، اقتصادية مثلا والتنجيد الإجباري الغير محدد ومعاملة افراد الامن العام في البلد، هذا ما جعل يخفي تجاوزات ما يقومون به في الأعمال التوعوي لمثل تلك الاعمال الشنيعة في الكنائس ودور العبادات ضد المسلمين. تضيف هذه الإنسانة البريئة، في حديثها، انا خائفة جدا من المستقبل، لانهم قد رسخوا هذه الافكار الهدامة على عقول الجيل الحالي اي الكراهية والبغض الذي لا يمكن تصوره!!.
وانا ايضا اشاطر خوف هذه الست النبيلة لأسباب كثيرة، منها، بان المسيحين في ارتريا كانوا لا يضمرون خيرا للمسلم اصلا، فهم عادة ما يسخرون من المسلم ويتامرون عليه في كل حين، يحاولون ازلاله ونزع حقوقه في أي سانحة يجدون فيها الفرصة.
عشنا معهم كل تلك المدة الطويلة، ومع ذلك كنا نتجاوز ذلك دون مشاكل والسبب كان وجود الوسيط المستعمر الأثيوبي بيننا فقط.
اما بالنسبة لي فقد تركتهم بمحض إرادتي حينما اكتشفت مبكرا، وتبين لي حقيقتهم ومعاملتهم المخزية، فأشكر الله سبحانه وتعالى على ما هداني وأنعم علي لفهمي ذلك فنجاني من مكرهم، كما أرجوا الله سبحانه وتعالى أن يردهم الى رشدهم بمراجعة انفسهم وتوعية أهلهم الى التعايش السلمي بين اخوتهم وشركائهم المسلمين لترسيخ الوحدة الوطنية المبنية على العدالة والمساوات المجتمعية، التي يجب أن تكون غاية لكل ارتري مسيحيا كان ام مسلما حادب على سلامة هذا البلد الطيب. والا فالامر خطير، وما نراه جميعا في مجتمعاتهم في الخارج واحاديثهم على المواقع الاليكترونية ايضا لا يبشر بخير. ويظهر انهم يسعون لحكومة رابعة فاشلة بعد زوال هذا الحكم الظالم تاركينا الجانب الاخر على الهامش كعادتهم حيث انهم قد كونوا برلمانا من كافة مدن العالم فهم بصدد تكوين حكومة في المنفى. اذن هم على جاهزية تامة لاستلام السلطة عند أي تغير يطرأ على الوطن. بينما نحن مازلنا في غينا وغفلتنا غائبون تائهون متفرقين مشتتين. فلا حولا ولا قوة الا بالله!.
فانتبهوا ولا تكونوا كما وصفكم المجرم الارهابي منذ أمد بعيد بانكم "براميل فارغة" للأسف!. "فلا يجب ان يلدغ المرء مرتين من جحر واحد" فقد لدغنا عشرات المرات، ولكن، لا حياة لمن تنادي، هذا والسلام.