دور قيادة حزب العمل الديمقراطي الإرتري في تدمير جبهة التحرير الإرترية
بقلم الأستاذ: أحمددين إبراهيم الحاج حسين - ملبورن، استراليا المصدر: عونا
الفرق بين محكمتي الشعب والتاريخ:
نقصد بمحكمة الشعب بالنسبة لتجربتنا فى جبهة التحرير الإرترية
المؤتمر الوطنى العام لكونه أعلى سلطة للتنظيم وفيه يتم التقييم والمحاسبة وتنتخب السلطة التشريعية والتي بدورها تنتخب من بين أعضائها السلطة التنفيذية ومسؤليتها جماعية أمام السلطة التشريعية والتي بدورها مسؤولة جماعيا أمام المؤتمر الوطنى. المحاسبة والمسؤوليات الفردية تتم فى إطار السلطتين. ومسؤلية المحاسبة حصرية لأعضاء المؤتمر. إن هذه المحاسبة، تنعدم، بتقادم الأحداث وزوال صناعها. فمثلا كأصحاب تجربة جبهة التحرير الإريترية، لا نستطيع محاسبة المسؤولين الآن مما جرى للجبهة بفوات انعقاد المؤتمر الوطنى الثالث فى وقته.
محكمة التأريخ هي دائمة الانعقاد، على مر الأجيال والتاريخ، لا تقادم للأحداث او صناعها، وهى لا تنظيمية ولا وطنية بالضرورة بل هى عالمية الطبع، قضاتها قراء اين ما وجدو، المدعين هم الباحثين والمؤرخين والمهتمين بمختلف بلدانهم. ليس بالضرورة كسابقتها أن تكون المسئولية والمحاسبة جماعية. لأن المعيار هو الدور فى صنع الأحداث بغض النظر عن موقع القيادي.
النظام الدستوري لجبهة التحرير الارترية: عموما يوجد فى العالم نظامين شائعين: هما؛ دستورى: بمعنى أن رأس النظام، ملكى، أو جمهوري، يتمتع بسلطات تنفيذية واسعة، منها بجانب كونه رأس السلطة التنفيذية، هو القائد الأعلى للمؤسسة العسكرية، وله ممثلين فى كل او معظم أجهزة الدولة يتابع عبرهم أدق التفاصيل اليومية فضلا عن التقارير التي ترفع إليه من الجهات المختصة، والشئ نفسه فى معظم حركات التحرر الوطنى فى مرحلة النضال.
والآخر هو نظام برلمانى؛ السلطة التنفيذية فى يد رئيس الوزراء، وهو القائد الأعلى للجيش ...الخ. ورئيس الدولة، ملك أو رئيس الجمهورية، سلطاته تشريفية. نظام جبهة التحرير الإرترية، كان الأقرب إلى النظام الثانى المشار اليه اعلاه. اى ان السلطة التنفيذية كلها فى مكاتبها، ومهام الرئيس تشريفية، لا هو القائد الأعلى للجيش، وليس له اى ممثلين فى أجهزة التنظيم يقدمون له التقارير بشكل مباشر عن ما يجري، فهو يعتمد على ما يتلقاه من رؤساء المكاتب، والذين ينقلون له، غالبا ما يروق لهم، أو انتظار التقارير الدورية التي يقدمها رؤساء المكاتب فى الاجتماعات الدورية، في حالة انعقادها.وفي ختام الاجتماعات يكلف الرئيس بتصريف الشؤون اليومية للتنظيم. ولكن هى شئ لا يذكر،دستوريا لا ينبغي أن يتنازل أى مكتب عن جزء من مهامه ليباشرها الرئيس. الباحث أجرى، دراسة نقدية لبعض بنود البرنامج الوطنى المقرر فى المؤتمر الوطنى الثانى للجبهة، ومنها البند المشار اليه اعلاه، وفى صيغة الجبهة الوطنية الديمقراطية، تنظيم واحد وبرنامج واحد وقيادة واحدة.
وهو مفهوم غير صحيح للوحدة الوطنية، وصيغة دكتاتورية لنظام الحزب الواحد. ونشر البحث فى مجلات الجبهة باللغتين العربية والإنجليزية. تحت عنوان: "التعددية السياسية في إطار الوحدة الوطنية". لماذا تمت صياغة البنود، بالوضع الذي اشرنا إليه أعلاه، لأن حزب العمل الذي حسم السلطة بالكامل دون مشاركة أي جناح من الاجنحة الأخرى، صاغ البنود على قياسه، حيث هو القائد للجبهة، وبالتالى رئيس الحزب هو الرئيس الفعلي للتنظيم بغض النظر عن موقعه القيادي. ولهذا نقلت صلاحيات الرئيس الظاهر الى رئيس الظل. كما أن نظام الحزب الواحد ينسجم مع مفهومه الفكرى للانفراد بالسلطة سواء على مستوى الجبهة أو الساحة الأرترية.
تأسيس حزب العمل الديمقراطي الإريتري وأسماء المؤسسين:
أورد ابراهيم محمد على فى كتابه المشار إليه أعلاه مايلى؛ " تأسست أول خلية له فى بداية العام 1968م وكان على رأس المؤسسين كل من أحمد محمد على عيسى، الزين ياسين، صالح احمد اياى، ابراهيم محمد على، واخرين لم يواصلوا المسيرة. ابراهيم محمد على لم يكمل بقية الأسماء المؤسسين، وفي مواقع أخرى وردت، ضمن أسماء المؤسسين، الأستاذ محمود محمد صالح، إبراهيم تو تيل.
وأورد عبدالله إدريس في كتابه المشار إليه أعلاه الآتية أسماؤهم؛ تأسس حزب العمل الديمقراطي الإريتري في بداية عام 1968م.
أسسه الزملاء، احمد محمد على عيسى، والأستاذ محمود محمد صالح، والأستاذ الزين يسين شيخ الدين، بدعم ومشاركة من الحزب الشيوعى السوداني ممثلا في الأستاذ محمد ابراهيم عبده "كبج" مسؤل الحزب بمدينة عطبرة فى ذلك الوقت والذى لعب دورا مساعدا فى صياغة البرنامج والموجهات العامة.
يلاحظ، كل منهما حذف الأسماء التى لا تروق له؛ عبدالله حذف ابراهيم محمد على وتوتيل وآخرون. وعقد الحزب أول مؤتمر له فى الخرطوم، عام1970م.
المؤسس الرئيسى وأول أمين العام للحزب، هو من الجيش السودانى وعاد إليه بعد تحمله مسؤولية أول أمين عام للحزب. وقاد فيه، محاولة انقلابية فاشلة وأعتقل. المؤسسون هم أعضاء القيادة الثورية التي كانت مدانة من قبل الإصلاحيين، ولا يعرف بينهم أحد ضمن المبادرين للإصلاحات. فى الأحزاب عموما، من الشرق إلى الغرب جغرافيا ومن اليسار الى اليمين سياسيا، فإن المؤسسين هم أصحاب النفوذ والكلمة الأخيرة للأحزاب التي يؤسسونها. وحزب العمل الديمقراطي الإريتري ليس استثناء من هذه القاعدة.
وبالتالي كانت، معادلة السلطة في جبهة التحرير الارترية، منذ المؤتمر الوطنى الثانى عام 1975م وحتى دخولها السودان عام 1980م على النحو التالى: مؤسسو حزب العمل الأريتري قادوا الحزب، والحزب قاد الجبهة، وشاركهم فى النفود، عبدالله ادريس قائد الجناح العسكري للحزب والجبهة، من موقعه كرئيس للمؤسسة العسكرية.
وكل ما قيل عن الصراعات فى داخل الحزب والجبهة، كانت بين الجناحين، الجناح المدنى المؤسس للحزب،المتنفذ، أراد السيطرة على الجناح العسكرى لاحتكار السلطة والنفوذ معا، الآخر دافع عن موقعه ونفوذه. وحتى بعد دخول الجبهة إلى الأراضى السودانية، هما الذين دمرا الجهود التى بذلت لأعادة تنظيمها والعودة الى الميدان، بالانقلاب والانخراط في تنظيمات أخرى.
جبهة التحرير الإريترية قبل وصول حزب العمل الى السلطة فى عام 1975م بدأت الكفاح المسلح من الصفر فى عام 1961م.
حررت الريف الإرتري، وانتقلت الى تحرير المراكز والمدن، ثم انتقلت الى اقتحام المدن الكبرى منها العاصمة، وتصدرت أخبارها نشرات ووسائل الإعلام العالمية والإقليمية. من منا من أجيالنا، مثلا، لا يتذكر الخبر الذي تصدر الإذاعة البريطانية "الإريتريين الأشداء يقتحمون العاصمة اسمرا" والخبر الذي تصدر النشرات العالمية، الإفراج عن السجناء المناضلين من السجون المركزية، فى كل من اسمرا وعدى خالا، والتى وصفت فى معاهد الدراسات الدولية، بأنها أول عملية من نوعها فى التاريخ حيث لم يحدث من قبل تحرير على ما يربو عن ألف سجين من السجون المركزية دون إراقة الدماء. واعلان اميركا اغلاق قاعدتها المعروفة فى اسمرا "كانيو استيشن".
قبل انتهاء مدتها القانونية بثلاث سنوات. حتى لا تقع معداتها الحساسة فى يد جيش التحرير الإرتري. ودمرت نظام هيلا سلاسى وعلى أبواب تدمير نظام الدرق والانتصار الحاسم. واستطاعت أن تعقد فى الأراضي المحررة أربع مؤتمرات تاريخية ناجحة، أدوبحا، عواتي، و المؤتمرين الأول والثانى.
فى حين بعد وصول حزب العمل إلى السلطة فى المؤتمر الوطنى الثانى، انهارت جبهة التحرير، قبل الوصول الى المؤتمر الوطني الثالث المقرر بعد أربع سنوات من انعقاده، أى فى عام 1978م.
حزب العمل الأريتري، كان بمثابة حصان طروادة، تسللت عبره القوى المعادية للجبهة و استولت على مفاصلها. ونذكر على سبيل الأمثلة ما يلي: أول مجموعة اخترقت الجبهة وصحبت عنصرها منه، على ما اذكر أحمد آدم عمر، هى مجموعة عوبل. المجموعة الثانية: هي الجبهة الشعبية: معروف اللقاء الأنفرادى بين اسياس وحرى با يرو، قيادي فى حزب العمل ونائب رئيس الجبهة، وقتئذ، ومنعا حضور اعضاء قيادة الجبهة المتواجدين معهم، و حسما المواجهات التي كا نت بين التنظيمين فى حينه لصالح الجبهة الشعبية.
وبعد هروب حرى من الميدان، والمؤيدين له انشقوا "فالول" من الجبهة وانضموا للجبهة الشعبية، وحملوا معهم كلما ملكت أيديهم من ممتلكات الجبهة. وعددهم، كما سمعنا من أحد المسؤولين، الجماعة ثلاث آلاف مقاتل، وحرقتهم الجبهة الشعبية فى معركة مصوع، حسب قول المسؤول المشار إليه "أبا سع اند دا تنآ" وآخر المجموعات منهم بعد دخول الجبهة إلى السودان، من معسكرات، تهداى، وكركون"بتن". لمزيد من التفاصيل انظر وثيقة حزب العمل المهمة التي نشرناها في كتابنا المشار إليه، وتحليل الباحث لها.
المجموعة الثالثة: هى قوات التحرير الشعبية: عبر سعيد حسين. قيل الكثير والكثير جدا حول الحدث، ونحن هنا ننقل البداية والنهاية وما بينهما، برؤس أقلام صناع الحدث، من يرغب التفاصيل أكثر نحيله الى كتابين، ابراهيم محمد على، و عبدالله ادريس، المشار إليهما أعلاه.
البداية من كتاب إبراهيم محمد على المشار إليه.ما يلى: "عند ما خرج سعيد حسين من السجن بعد، 12عاما قضاها معزولا عن مجريات الأحداث فى الساحة الوطنية والعالم، خرج وهو يعبر عن توجهات يسارية عامة فى احاديثه لمن كان يحتك بهم أو يتواصل معهم... مما شجع بعض خلايا حزب العمل على ترشيحه لعضوية الحزب... وتمت الموافقة على منحه عضوية الحزب... وفي الاجتماع الذي عقدته قيادة الحزب فى موقع المؤتمر الثاني لتحديد اسم مرشح لرئاسة الجبهة، رشح من قبل حرى با يرو، لرئاسة الجبهة، غير أن الأغلبية لم توافق على ترشيحه، نظرا لغيابه لمدة طويلة فى السجن، لم تتح له الفرصة خلالها لمواكبة التطورات الهائلة فى الساحة الارترية... إلا أنه قد تم ادراج اسمه ضمن قائمة مرشحي الحزب للمجلس الثورى الجديد. وقد نال ثقة المؤتمرين فعلا، فأصبح عضوا فى المجلس الثورى الجديد، وشارك فى بعض اجتماعات المجلس الثورى".
والتقطت قوات التحرير الخيط. وكلفت احمد جاسر للاتصالات وتنظيم المجموعة وشقها من جبهة التحرير الارترية. ويقول محمد سعيد ناود، فى كتابه حركة التحرير اريتريا، الحقيقة والتاريخ: كلف احمد جاسر عن ملف الجماعة من الف الى الياء، وهو آخر من ودعهم من اليمن الى دنكاليا، واعطانى مظروف يحتوى وثائق حركة التحرير الإرترية التي كانت بحوزة أحدهم.وايضا قال، عثمان بدوى في مقاله؛ ان احمد جاسر الذى كان مسؤولا عن الملف، اعطانى مسودة البيان، لنشره بعد خروج الجماعة. بمعنى أن الوثائق كانت معدة سلفا.
وعن النهاية كتب عبدالله إدريس فى كتابه المشار اليه اعلاه، ما يلي: "علمنا بتحركهم فقمنا بمتابعتهم ورصدهم أول بأول، تحركوا من ميناء الحديدة باليمن، على متن باخرة مليئة بالأسلحة والذخائر والمواد التموينية وكانت معهم إمكانيات مالية كبيرة كان هدفهم السيطرة على منطقتين، دنكاليا، وأكلى قوزاى، وإغلاقها في وجه الجبهة، وطرد من لا يمكن السيطرة عليه من أفرادها، وكانت هذه فتنة كبيرة وإشعال حرب داخلية خطيرة يصعب التكهن بمآلاتها. كان الاتجاه لتطويقهم وفرض الاستسلام عليهم إلا أن هذه فشلت، وهؤلاء وفور معرفتهم بأنهم مطوقون فتحوا نيران أسلحتهم بكل الأتجاهات، كانوا سبعة عشر مقاتلا وكانوا مقاتلين متمرسين يجيدون فنون القتال، ومن بينهم عضو المجلس الثورى سعيد حسين وعمر سوبا وأحمد محمد إبراهيم، قاتلوا بشراسة منذ الوهلة الأولى ويبدو أنهم اتخذوا قرارا بخوض المعركة حتى الموت و بهذا لم يعطوا الفرصة لضمان سلامتهم او الحوار معهم، سدوا كل الآفاق واستمروا في إطلاق النار ففرضوا التعامل معهم بالمثل".
أما على الصعيد الإقليمى والدولى حدث الكثير ولا حرج، بدأ من أشراف الحزب الشيوعى السودانى وانتهاء بطلب الأتحاد السوفيتى منهم لتقديم رقابهم طواعية على مذابح نظام الدرق لحسم الصراع الأريتري الأثيوبى لمصلحته فى مقابل المصلحة الإستراتيجية لهم.
قرار قيادة حزب العمل الأريتري التخلي عن النضال الوطنى الارترى والانخراط فى نظام الدرق فى اثيوبيا. بعد أن حسم السلطة لصالحه بالكامل دون مشاركة أي جناح من اجنحة الجبهة، حيث قال ابراهيم محمد على فى كتابه المشار اليه اعلاه: قدمت فى المؤتمر ثلاث قوائم، قائمة حزب العمل، وقائمة حرى بايرو، وقائمة الرجعيين، حسب وصف ابراهيم محمد على،وفازت قائمة الحزب بالكامل. ثم اتخدت قيادة الحزب مباشرة القرار بعد وصولها الى السلطة، فى عام 1976م وقال إبراهيم محمد على عن هذا القرار فى اللقاء الذى نشرناه فى كتابنا المشار إليه اعلاه،" الخيار الوحيد هو الرجوع إلى إثيوبيا وأن الهدف من نضالنا في النهاية هو تحقيق مكاسب للجماهير، الأقتصادية والاجتماعية، وهذا ما يحققه الآن الدرق فى اثيوبيا".
اولا: لم يحقق الدرق شيء، مما ذكر اعلاه، وحتى إذا حققت فهي للأثيوبيين وليس للإرتريين.فالقضية هي وطنية، وليست مطلبية. الهدف، الاستقلال التام للشعب الإريتري والإدانة للمستعمر الأثيوبي، والكفاح المسلح كوسيلة استراتيجية لإنجازه. هذه القرارات والبرنامج الوطنى التى أقرها المؤتمر الوطنى الذي خرجوا منه للتو. فالقضية الوطنية تخضع لمبدأ حق الشعوب والأمم فى تقرير مصيرها. وهو مبدأ أساسي من مبادئ الاشتراكية وميثاق الأمم المتحدة...الخ.
ومن منطلق هذا المبدأ دافعت الدول الاشتراكية وعلى رأسها الاتحاد السوفيتي عن القضية الارترية فى الخمسينيات من القرن الماضى، والباحث اقتبس فقرة مطولة في بحثه "الصراع الأريتري الإثيوبى وحق الشعوب والأمم فى تقرير مصيرها" من الكلمة التي ألقاها مندوب الاتحاد السوفيتى فى الأمم المتحدة دفاعا عن المبدأ، ومن منطلق المبدأ نفسه قدمت كوبا والصين بعض المساعدات العسكرية، مثل التدريب العسكرى للمناضلين.وايضا اعترفت لنا الفيدرالية العالمية للطلاب الإثيوبيين، فى عهد نظام هيلا سلاسى، بموجب الاعتراف حصلنا على عضوية المنظمات العالمية، مثل، اتحاد الطلاب العالمى والشباب ...الخ. حيث نظم تلك المنظمات لا تسمح، عضويتين لدولة واحدة. وكانت تلك المنظمات كلها تحت سيطرة الاتحاد السوفيتي وحلفائه.وبالتالي، موقف قيادة الحزب ليس مبدئيا فضلا عن أنه ليس وطنيا.
لأن المبادئ لا تتغير بتغير الأنظمة، وانما تقاس إليها بمدى التزامها وتنفيذها لها.ونحن هنا نود أن نقتبس موقف الحزب الشيوعى السودانى بهذا الخصوص: ما يلى: "بيان صادر عن حزب الشهيد عبد الخالق محجوب فبراير 1975م. الأعتراف بحق الشعب الأريتري فى تقرير مصيره وكفالة الحرية التامة له لممارسة ذلك الحق...أن مواجهة حركة الشعب الأريتري بالقمع المسلح هي مواصلة، لسياسة هيلا سلاسى الدموية الباغية الغاشمة... اننا نرفض هذه السياسة وندينها ونطالب حكومة إثيوبيا العسكرية بالكف عنها والاعتراف فورا بحق الشعب الأريتري في تقرير مصيره.وإننا لندعو كل القوى الديمقراطية العالمية لأ ستنكار مسلك السلطات الأثيوبية، ومطالبتها بوقف عمليات القمع المسلح ضد الثوار والمواطنين الإريتريين... واننا نقول للديمقراطيين الأثيوبيين ان السلطة التى تقمع شعب اريتريا اليوم ستوجه نيرا نها بكل تأكيد غدا ضدهم". إذن، هذا هو الموقف المبدئي. وهنا سؤال يطرح نفسه:
ما هى مصلحة الحزب لأ اتخاذ هذا القرار ؟؟؟
الإجابة: كانت مصلحة الحزب الذي وجد فرصة نادرة قل أن تتوفر لحزب يساري نشاء للتو، للسيطرة على تنظيم بحجم جبهة التحرير الإريترية بجماهيرها العريضة وجيشها الجبار الذي كان يصول ويجول على الساحة الارترية كلها وعلاقاتها الإقليمية والدولية، حيث منظماتها الجماهيرية التى كانت تتمتع بالعضوية الكاملة لكل المنظمات الدولية والإقليمية بدون اى منافس لها.
وحتى الدول التي كانت لها علاقات استراتيجية مع الاتحاد السوفيتي، مثل سوريا والجزائر لم يتغير موقفها تجاه القضية الإرترية وعلاقاتها القوية بجبهة التحرير الارترية. معروف رد الرئيس حافظ الأسد، على رئيس الأتحاد السوفيتي، برجنيف، أنه لن يساوم قيد انملة، تجاه القضية الإرترية، ورفض حتى مجرد العلاقة الدبلوماسية العادية مع إثيوبيا.
ولم تتعرض لضغوطات من أصدقاء الثورة الإريترية، ولم تعتمد جبهة التحرير الإرترية،على الأتحاد السوفيتى، فى تاريخها النضالى، وبتالى، كانت مصلحة الحزب أن يقود الثورة التى كانت على ابواب الانتصار الحاسم، وقيادة الدولة الإرترية التي كانت، على أبواب الولادة. ولكنه رضخ لمطالب الاتحاد السوفيتي، حيث طرحوا عليه: التضحية بالجزء من اجل الكل. الكل الأتحاد السوفيتى باعتباره رأس الحربة في مواجه الامبريالية، والجزء هو اى جزء يشكل عقبة أمام المصلحة الإستراتيجية لهم، ان كان قائد الحزب، او الحزب، والنظام ...الخ.
وفي منطقتنا، حسموا موقفهم بأن مصلحتهم، مع إثيوبيا، بمكانتها التاريخية والجيوسياسية، بكونها دولة المقر لمنظمة قارية، وبالتالي، تستحق التضحية، بالصومال و الثورة الإريترية، وقيادة حزب العمل الأريتري قبلت طرحهم. تنفيذ القرار:-
اولا: تدمير جبهة التحرير الإرترية، بكونها تشكل عقبة لقيادة الحزب فى تنفيذ مخططه، ومهمتها التى فجرت الكفاح المسلح من اجل تحقيقه لم تعد قائمة بعد قرار الحزب، وبالتالى اتبعت في هذا الخصوص عدة أساليب، منها التفرق لمتابعة حركات وسكنات المناضلين. واهملت بشكل شبه كلى اختراقات القوى المعادية للجبهه على مفاصلها، كما أسلفنا ذكر بعض الأمثلة منها، وبالتأكيد ما خفى كان اعظم.
ثانيا: تدمير الجبهة هيكليا: معروف ان أي تنظيم هو مثل كائن حي، إذا تصلبت شرايينه يموت، وشرايين التنظيم هو الهيكل وآلية عمله. وهيكل الجبهة: هو المؤتمر الوطنى العام، هو أعلى سلطة، يشكل بوتقة لكل المكونات الارترية، من الجماهير والجيش واجهزة التنظيم، فضلا عن الشخصيات الوطنية واصدقاء الثورة، وبالتالى هو نقلة نوعية يتم فيه تقييم المرحلة السابقة على كل الاصعده، ارتريا وإقليميا ودوليا، وتقييم أداء القيادة فيما كلفت به في المؤتمر السابق.
وعلى ضوء التقييم يصاغ البرنامج، وهو دستور الجبهة، وتصدر منه القرارات والتوصيات للمرحلة المقبلة. و تنتخب القيادة الجديدة لتحمل المسؤوليات الملقاة على عاتقها، والتقيد وتنفيذ مخرجات المؤتمر، ثم يحدد الانعقاد الدوري للمؤتمر والمؤتمرات الطارئة حسب مقتضيات الظروف. والمؤتمر الذي كان قد أقر انعقاده بعد أربع سنوات وكان ينبغى انعقاده فى عام 1978م وانهارت الجبهة، قبل ان يعقد فى عام 1981م اى بعد سبع سنوات من انعقاد المؤتمر الوطنى الثانى.
وحتى المجلس الثورى المنتخب من المؤتمر، وهو من المرشحين من قبل الحزب، ويعقد جلساته الدورية كل ستة أشهر، فضلا عن دوراته الطارئة، أيضا جمد نشاطه لمدة ستة دورات متتالية، وبالرغم من كل الأحداث التى جرت فى الساحة الارترية والإقليمية والدولية، بما في ذلك انهيار الجبهة، وهذا يعنى تجميد هيكل الجبهة وآلياته التنظيمية.
وهذا كفيل دون اي عوامل اخرى ان يؤدي إلى انهيار الجبهة، و لانهيار أي تنظيم آخر يتعرض لما تعرضت له الجبهة. لكن ما ادهشنا حقا، هو ان الاستاذ احمد أبو سعدة، اطلعنا، الأستاذ محمد عمر يحى وشخصى، على وثيقة حزب العمل، تطلب من المسؤولين الحزبيين فى الخارج، تقويض نشاطات الجبهة في الخارج حتى لا يتفوق على نشاطات الحزب وهذا يعني بأن التدمير كان ممنهجا.
المحور الثالث: لتنفيذ قرار الانخراط فى الدرق، هو التعبئة السياسية والنفسية والإعلامية. وجرت فى هذا الخصوص الكثير ويمكننا القول بأن معظم نشاطات الحزب انصبت فى هذا الأتجاه. واذكر منها اربع خطوات كفيلة لتوضيح ما اشرنا اليه اعلاه:-
الأولى: هى إصدار أول وثيقة علنية بهذا الخصوص: تحت عنوان رأينا حول الأوضاع فى إثيوبيا: جبهة التحرير الارترية المجلس الثوري، 12ـ11ـ1977م. بعد تحليل عقيم للأوضاع فى اثيوبيا والمطالب المطلوب تحقيقها للأثيوبيين ...الخ. كانو إثيوبيين، اكثر منهم. وختم التحليل المشار إليه بما يلى: "أن الثورة الإرترية التي أسهمت بشكل كبير فى اسقاط نظام هيلا سلاسى تدعو كافة القوى التقدمية في العالم لتحمل مسؤوليتها فى مواجهة هذا الموقف الدقيق والخطير الذى سيؤدى حتما الى تعرض تطلعات شعوب هذه المنطقة إلى خطر التصفية وتعلن من موقع المسؤولية التي تفرضها عليها مبادئها وطبيعتها التقدمية انها على استعداد تام للقيام بالدور المطلوب منها دفاعا عن قضية الثورة في هذا الجزء الهام من العالم" ويظهر هذا الموقف انهم مسؤلين للدفاع عن الثورة العالمية في المنطقة، وليس عن الثورة الإريترية. وبالتالي: التضحية بالجزء من اجل الكل، كما اشرنا إليها آنفا.وقارن أيها القارئ الكريم، الموقف الذي نقلناه من بيان الحزب الشيوعي السوداني بهذا الموقف.
الثانية: هى اصدار بيان وزع في أشهر مهرجان عالمى فى تلك الفترة، وهو مهرجان كمال جنبلاط فى بيروت فى عام 1978م. وصدر ايضا: جبهة التحرير الإرترية المجلس الثوري. واعتبر فيه ان الدعم المقدم للدرق هو لمصلحة الشعب الإرترى. مما يعني، أن الدعم المقدم للثورة الإريترية ليس لمصلحة الإريتريين. "اننا نعتقد بوضوح أن دعم دول المنظومة الاشتراكية، وكافة القوى الديمقراطية والتقدمية العالمية للقوى الديمقراطية والثورة فى إثيوبيا ليس دعم موجه ضد الشعب الارترى وقواه الديمقراطية بل هو فى رأينا دعم لحركة التحرر فى منطقة القرن الأفريقى وحركة الثورة فى أفريقيا والشرق الأوسط بشكل عام. أن هذا الدعم يبدو لأول وهلة أنه فى صالح اثيوبيا اذا اخذناه من زاوية الصراع الأريتري الأثيوبى، ولكننا نرى أنه على المدى القريب والبعيد يشكل عاملا حاسما للحيلولة دون عودة نفوذ الإمبريالية الى البلاد كما انه يشل نشاط حلفائها فى المنطقة" مرة آخرى يؤكدون انهم حماة الثورة العالمية والأثيوبية والتى تستحق التضحية بالثورة الإرترية من أجلها. التفاصيل في كتابنا المشار إليه أعلاه.
الثالثة: هي إدانة النضال الوطنى الارترى، وإضفاء المشروعية لحرب الدرق ضد إريتريا. وهذا ما صرح به الزين ياسين فى لقائه مع كاتب و صحفى من اليسار المصرى وقال فيه: إن حربنا ضد الدرق يصب في مجرى الإمبريالية والرجعية فى المنطقة. وهذا بالضرورة حرب الدرق ضدها تصب فى مجرى الثورة العالمية.والصحفى المشار إليه، لدهشته من الموقف الذي سمعه من قائد جبهة التحرير الإريترية، نقل ما جرى في اللقاء للجبهة الشعبية لتحرير إريتريا.
الرابعة: الأعلان عن الحليف الثورى فى اثيوبيا والذى سوف تكون وجهتهم اليه: اختارو مرة أخرى، بيروت، في هذه المرة، المجلة الديمقراطية التى كانت تصدرها، الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وهي من أشد الفصائل الفلسطينية تأييدا للدرق، وضد الثورة الإريترية، فى كل المحافل الإقليمية والدولية، وجهاز اعلام للدرق، ونكاد نقول انهم كانوا مشرفين على القسم العربى، فضلا عن تدريب كوادر الدرق، وسمعت هذا من الذين كانوا يشرفون على تلك التدريبات. ورئيسهم نايف حواتمة زار مصوع بعد تدميرها بالقنابل العنقودية الاسرائيلية. ليطلع على انتصارات الدرق وانتقدت اميركا اسرائيل بهذا الخصوص، ليس عطفا على الشعب الأريتري وإنما لكون الدرق انتقل الى المعسكر المعادي لها. ولم تنفى اسرائيل بل قالت انها لايهمها ان يكون النظام فى اثيوبيا شيوعى او كهنوتي و لكن لا تقبل انفصال إريتريا عن إثيوبيا. وهذا كله عبر وسائل الإعلام وليس باتصالات سرية.
أردنا ان نقول، اختيار الزين ياسين لهذا المنبر للإعلان بأن الدرق جناح منقستو هو ثوري، كان مقصودا لإيصال رسائل الى من يهمهم الأمر. وبديهي، أن الثوري لا يمكن أن يكون عدوا للثورة، وبالتالي هو حليفهم. من هو منغستو الحليف لقيادة حزب العمل الأريتري ؟؟ أنه هو الذي سير ما أطلق عليها مسيرات الحمرا التي أبيح لها ان تعيث فى اريتريا قتلا ونهبا ودمارا، وهو الذي دمر المدن وأعلن في خطاب متلفز، الأستعداد بأن يضحى بستة عشر مليون اثيوبى فى سبيل القضاء على الثورة الإرترية. الآن الخطوات المخططة للإعلان اقتربت من نهايتها. بالنسبة للدرق وحلفائه السوفيت، بالرغم من اهمية تدمير الجبهة بوزنها الجماهيرى وقدراتها العسكرية وتاريخها النضالي، وعلاقاتها الإقليمية والدولية، يشكل نصرا عظيما لهم، الا أنه، غير كافي، للاطمئنان لحسم الصراع لصالح الدرق، وبالتالى طلبو من قيادة حزب العمل الأريتري، أن يقوموا بتصفية الجبهة الشعبية بالتعاون مع الدرق.و الخطوتين الأخيرتين كانتا من أصعب المواقف التى واجهتهم وبالتالى التردد لإعلان القرار أخذ وقتا أطول. وقال إبراهيم محمد على فى لقائنا به الذي نشرناه فى كتابنا المشار اليه اعلاه، للإجابة على سؤال الباحث لماذا تأخر الإعلان عن هذا القرار منذ عام 1976م.
وأجاب مايلى:لم تكن لدينا الشجاعة لطرحه علنا بسبب حساسية الموضوع، ورد الفعل المتوقع من طرحه على صعيد الساحة الارترية، و ارتكبنا خطأ كبيرا لعدم الأعلان عنه، و قاعدين ندفع ثمنه الآن. ويقول عبدالله إدريس، في كتابه المشار اليه اعلاه"رفضت جبهة التحرير الإرترية عرض الأتحاد السوفيتى لتصفية الجبهة الشعبية بالتعاون مع الدرق".المعطيات التي لدينا وما أوردناه آنفا تؤكد، ان قيادة حزب العمل الأريتري، لم ترفض الطلب. الضربة الاستباقية: كانت تتابع الجبهة الشعبية بدقة ما يجرى فى كواليس قيادة الحزب، واتصالاتها الإقليمية والدولية، عبر عناصرها داخل الحزب، وأصدقائها الإقليميين والدوليين.
وحددت الوقت المناسب لها لتصفية الجبهة و الانفراد بالساحة الإريترية. سأل الباحث فى عام1988م. فى القاهرة، عبدالله آدم عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية ورئيس مكتبها هناك: لماذا قررتم تصفية جبهة التحرير الارترية ؟؟ وأجاب ما يلي: نحن لدينا معلومات ووثائق مؤكدة، تفيد بأن الجبهة و الدرق وحلفائهم، يخططون لتصفية الجبهة الشعبية، ولذا قررنا الضربة الاستباقية. ثم أخبرنى عن لقاء الزين مع الصحفي المصري المشار اليه اعلاه. وبعد الهجوم الشامل على جبهة التحرير الإرترية على كافة الجبهات، قرر الجناح المدنى المؤسس للحزب و المتنفذ، تولي قيادة المواجهة بنفسه، وشكل قيادة طوارئ، وابعد القيادات العسكرية الهامة عن مواقعها، علما بأن تشكيل السلطة التنفيذية، فردا كانت او جماعية، من الصلاحيات الحصرية للسلطة التشريعية. ولكنهم كانوا يدركون، أن وجود الجبهة قد انتهى، وبالتالي، المؤتمر الثالث أو المحاسبة.
وشرعت القيادة الجديدة في ممارسة مهامها الحصرية، مركزة كافة انشطة الجبهة: بدأ الزين يسين، بتشكيل لجان الدفاع عن الجبهة: تحت شعار لندافع عن تنظيمنا حتى الموت، ثم غير الى حتى النصر. ولم يكونو صادقين، حيث قرار تدمير الجبهة قد اتخذ فى عام 1976م. والمهمة الأكبر هى إخلاء الساحة الارترية، وترك الجبهة الشعبية تواجه مصيرها، والدرق وحلفائه كفيلون بها، حسب توقعاتهم، هكذا دمرت جبهة التحرير الإريترية، و تم اخلائها من الميدان الذي صنعته، وانفردت به الجبهة الشعبية.
وفى شللوب السودانية، أصدر الزين يسن بيان باسم اللجنة التنفيذية، عن نهاية الجبهة، وسحب بعد اللقاء مع لجنة الدفاع، ولم يكن ليستطيع سحب بيان لم يصدره. بمعنى، أنه كان يملك صلاحية السلطة التنفيذية لإصدار وسحب البيان. التفاصيل في كتابنا المشار إليه أعلاه. ثم اجتمعت اللجنة المركزية لحزب العمل، بعد دخول الجبهة مباشرة وحلت الحزب. ويقول إبراهيم محمد، فى كتابه المشار اليه اعلاه: ما يلي: "عقدت اللجنة المركزية آخر اجتماع لها في شهر سبتمبر 1981م فى مدينة كسلا وتوقف منذ ذلك الحين نشاط الحزب تماما ونهائيا. وبذلك وصلت مسيرة حزب العمل الى نهايتها". السؤال الذي يطرح نفسه هو:
هل المهمة الحصرية للحزب، كانت تدمير جبهة التحرير الارترية ؟؟؟
وعندما كتبنا عن تلك الأحداث، كما حدثت، اتهمنا ابراهيم محمد على، تارة بالكذب وتارة أخرى بسوء النية. ونحن لا نسير في أسلوبه، ولكننا نطالب بان يقدم الوثائق عن الأحداث التى شارك فى صنعها، ونترك الحكم للقراء والباحثين. ونخص بالذكر منها ما يلى:-
1. محضر تأسيس حزب العمل الديمقراطي الإريتري في القضارف 1968م. و المؤتمر الأول فى الخرطوم 1970م. وحيثيات تأسيسه، ودور غير الارتريين فى تأسيسه وملابسات استقالة المؤسس الرئيسي و الامين العام الأول للحزب وقرار عودته الى الجيش السودانى.
2. محضر جلسات قياددة حزب العمل الأريترى فى المؤتمر الوطنى الثانى 1975م لترشيح وتشكيل قيادة الجبهة والمعايير التي وضعت بهذا الخصوص.
3. محضر جلسات قيادة حزب العمل 1976م. والتى قررت فيها التخلي عن النضال الوطني والانخراط في نظام الدرق الأثيوبي.
4. محضر جلسات قيادة الحزب والتي اتخذت فيه قرار تشكيل قيادة الطوارئ، المعايير والحيثيات تشكيلها 1980م.
5. محضر جلسات آخر اجتماع للجنة المركزية لحزب العمل الأريتري، في سبتمبر 1981م، في مدينة كسلا، وتم فيه حل الحزب، وحيثيات حله، ولمن أوكلت، ممتلكات الحزب ووثائقه.
وفي ختام هذا المقال: أود ان أقدم للقارئ الكريم، شواهد عن بعض الأحداث التى كتبنا عنها، عن نوعية القيادة التي قادت حزب العمل الأريتري وجبهة التحرير الإرترية:-
اولا: المشهد الأخير لجبهة التحرير الارترية: قادها الجناح المدنى المؤسس للحزب، من الميدان الى السودان ـ قيادة الطوارئ. وأكمل المهمة قائد الجناح العسكري للحزب والجبهة فى 25 مارس 1982م فى راساى، وقضى على الجهود التي بذلت لإعادة تنظيمها واعادتها الى الميدان.
ثانيا: مشهد قيادة حزب العمل الأريتري بعد انهيار الجبهة: الجناح المدنى المؤسس للحزب و المتنفذ، القى الشعارات والمسؤوليات وراء ظهره، وانخرط فى جناحي قوات التحرير الشعبية، والتى وصفوها سابقا بالثورة المضادة، وحليا نعتهم، ابراهيم محمد على فى كتابه المشار اليه اعلاه، بأسوأ من وجدوا في الساحة الارترية : والسؤال الذي يطرح نفسه هو، إذا كانت تنطبق عليهم هذه الأوصاف،
لماذا ذهبت اليهم و انخرطت فيها ؟؟؟
أما قائد الجناح العسكري للحزب والجبهة، بعد المهمة التى أداها: استهلك وقته فيما بين التصفح فى ملف الخيانة الوطنية الذي وجه إليه، وبين التنقل بين السودان والقاهرة، حيث كان يقيم فى شقة فاخرة في شارع الدقي، بالقرب من نهر النيل وفندق شيراتون القاهرة.
الوصف ليس من عندي، بل من الإعلان الكبير الذي كان معلقا على واجهة الشقة، من جهة الشارع، يقول: الشقة الفاخرة للبيع بسعر نصف مليون جنيه، وتلك كانت من أغلى الأسعار وقتئذ فى القاهرة. والباحث شاهد عيان لإقامة المذكور فى الشقة بعد الإعلان المشار إليه أعلاه.
ثلثا: المشهد الأخير لقيادة حزب العمل الأريتري: باهبري الذي عرف وجهازه، بالحساسية المفرطة تجاه الفكر الثورى والثوريين، سمح الأقامة والعمل فى بلاده، لأحد أبرز المؤسسين لحزب العمل الأريتري وامينه العام. والبس عباءته لقائد الجناح العسكري للحزب والجبهة امام الحضور. والذى التقط الصور هو الأستاذ أحمد أبو سعدة موجودة معه. انتهى المقال، والبحث مستمر.
الإشارة الي بعض المراجع:
• مسيرة جبهة التحرير الارترية بداية نهاية – إبراهيم محمد علي،
• اضواء على تجربة جبهة التحرير الارترية – عبدالله إدريس محمد،
• حركة تحرير إرتريا الحقيقة والتاريخ – محمد سعيد ناود،
• الأ تحاد العام لطلبة ارتريا وتجاربه مع قيادات جبهة الإرترية – للباحث،
• ومراجع اخرى.