هل أكلت الثورة الإرترية بالفعل أبنائها؟
بقلم الأستاذ: إبراهيم إدريس - كاتب وناشط سياسي حقوقي إرتري، لوزان، سويسرا
بإستعراض الثورآت الماضية في العالم نُلاحظ أنها في أغلب الأحيان للأسف الشديد تقضي علي معظم
من قاموا بها والأمثلة والشواهد علي ذلك كثيرة جداً أبرزها الثورة البلشفية والفرنسية وفي العالم العربي ثورة 23 يوليو المصرية والجزائرية وغيرها وذلك لأن الثوار خلال فترة النضال والكفاح والحراك الثوري يجمعهم هدف واحد يتمثل في التحرير والتغيير وفقاً للاجندات الوطنية ويتمتعوا بسند وتأييد الجماهير والجموع الشعبية الكبيرة وهذه الفترة من عمر الثورة زاخرة بالطموحات الشخصية الجامحة والنزعات المتطلّعة نحو الزعامة والانفراد بالسلطة ولكنها تظل حبيسة النفس الامارة بالسوء تنتظر اللحظة المناسبة بعد أن تحقق الثورة أهدافها في التغيير ومثل هذه الأنفس مجردة من الضمير والاخلاق وتمْتطيِّ صهوة الثورة ومبادئها وتتخذها وسيلة للوصول الي غاياتها الشريرة بالاستيلاء علي السلطة ولو أدى ذلك الي قتل الثوار رفقاء السلاح والنضال بالأمس وتصفيّتهم بدمٍ بارد والقضاء عليهم بالكُلية في سبيل مجد شخصي وهوى شيطاني والتضحية بهم وبالبلد الذي ثآروا من أجله وهذا التوصيف ينطبق تماماً علي شخصية هذا الدكتاتور المستبد أساياس أفوريقي المسكُّون بشهوة السلطة وحب الثروة.
بل الأكثر من ذلك لقد بدأ هذا الطاغية القاتل التصفيات الجسدية والإغتيالآت قبل التحرير في فترة الثورة لمجرد خوفه من القيآدات الميّدانية آنذاك وبما لها من شعبية نسبية ربما يكونوا أعداء محتملين ومنافسين له في المستقبل وربما أعاقوا وصوله الي سدة الحكم والانفراد بالسلطة وقد تبيّن ذلك لاحقاً في مسيرة الثورة والدولة.
والشئ الغير أخلاقي وفي منتهى الخِسة والخيانة والخبث الأرعن هو سلوك هذا الطاغوت العنصري أساياس افوريقي الحاقد علي الشعب الاريتري برمته ناهيك عن حقده علي زملائه الثوآر الأحرار الذين قام بتصفيتهم جميعاً لتخلو له الساحة من أي منافس محتمل لزعامته الزآئفة ولم يُراع بطولاتهم وبسالتهم وتاريخ نضالهم المشرف وتضحياتهم في طرد المستعمر من تراب الوطن وتحريره بعد الله عز وجل ثم بمجاهداتهم ونضالهم الذي بذلوا فيه كل غالٍ ونفيس وخضبُّوا الأرض بدمائهم الشريفة الطاهرة فهذا الرجل المريض والمفتون بشهوة السلطة لا مثيل له في التاريخ الانساني المعاصر ويساورني الشك ان يكون انساناً أصلاً وينتمي الي فصيلة البشر.
وأن مقولة الثورة تأكل بنيّها للأسف الشديد صحيحة الي حد كبير نتيجة لحماقات وطموحات شخصية مريضة والأثر المترتب علي ذلك هو ضياع الوطن وتدهور البلاد وتمزقها وتخلفها كما هو مُشاهد اليوم في إرتريا.