التفكير بصوت عالٍ للحؤول دون تشويه الوعي الجمعي
بقلم المناضل الأستاذ: حامد ضرار - الرئيس السابق لحزب الشعب الديمقراطى
بعد أن قرأ ما كتبته على عجل من أسطر تحت العنوان أدناه "يالكم من إناس تتشبث ذاكرتي المتعبة بصوركم"،
ترك لي صديق عزيز على الفيس التعليق التالي:
"إستاذي حامد ضرار جميل أن تسرد لنا مثل تلك التي سردتها لنا. ولكن ما الفائدة في ظل هذا العبث والتوهان الذي يعيشه وطننا بسبب هذا الطغيان الجاثم في صدور شعبنا. ألم يكن الأجدر قراءه الأحداث ووضع الحلول المناسبة لما يتعرض له شعبنا. كفى سرد التاريخ مهما كان جميلا علينا أن نساهم بافكارنا في تخفيف معاناة شعبنا وخصوصا من مناضلين كانوا في حضن هذا التظام الفاشي".
"يا لكم من إناس تتشبث ذاكرتي المتعبة بصوركم الجميلة": هذا الموضوع نشرته على صفحتي قبل حوالي خمسة أشهر مضت مرفوقاً بصورة ملتقطة من الفضائية الإرترية للاستاذ المربي عبدالقادر ديني.
[وللتذكير فقط] فقد جاء في الفقرة الإفتتاحية من تلك المقالة:-
"كم يحس المرء بمنتهى الفخر والإعتزاز عندما تقع عيناه على صورة أو فيديو أو مقابلة في قناة من القنوات لزميل وعزيز. اليوم صدفة وأنا عابر لمحت مقابلة أجراها الصحفي المتميز محجوب حامد مع الصديق والأخ القامة صاحب الابتسامة الدائمة عبدالقادر ديني، وهو بالمناسبة من الطلبة المتميزين الذين درسوا العلوم الرياضية والفيزياء وتخرجوا بكفاءة من الجامعات السورية والتحق مباشرة بإرتريا عشية الاستقلال مع غيره من الأخوة الخريجين. أجريت المقابلة عام 2015. وجدته باسماً ومتفائلاً ومتحمساً في مجال عمله في حقل التربية والتعليم. فالقضية بالنسبة لأمثال الكفاءة ديني ومن زمن طويل العمل في الواقع والاقتصاد في التنظير لأن فيه مزالق قد تحرف مسار المثقف من المواجهة في أرض الواقع إلى التوهان في اللامتناهيات من قضايا".
[وللتذكير أيضاً] حملت أسطر الفقرة الختامية من الموضوع ما يلي:-
"مهما يكن فللحديث شجونٌ، والكتابةُ تحتاج إلى هدوء ووقت وهو أمر غير متوفر وأنا أكتب على عجل دون تدقيق، لأنني سررت لمشاهدتي الاستاذ القدير ديني بمعية المذيع محجوب حامد... بالتالي وجدت نفسي أفكر بصوت عال... تمنياتي للجميع ولذلك الذي مازال يعمل في مختلف وزارات البلاد له مني التجلى والتقدير، ولمن توقف أو تقاعد لمختلف الأسباب أقول له "يعطيك العافية يا أبو العوافي" رغم تركك مقعد عملك شاغراً، فقد تركت بصمات لم ولن ينساه الناس عبر الأجيال والسنون، وما هذه الأسطر إلا عربون ومحاولة الاحتفاظ بصور عطاء الذين تعرفت عليهم عن كثب وهم بالآلاف من ملايين المخلصين. وختاماً شكرا للمرة الثالثة المربي عبدالقادر ديني لأنك كنت السبب لهذه الأسطر السريعة".
مع إنني لظرف وتقدير شخصي في عطلة مفتوحة عن الكتابة وما زلت ومنذ حوالي 6 أشهر، وحتى الموضوع الذي نحن بصدده جاء دون قصد، على نحو أشبه بتخاطر الأفكار، كما ورد في صلب جملته الافتتاحية حين نشره، مع ذلك، فتساؤل الصديق العزيز س. ص. التي نحت إلى المعاتبة إن لم أقل الاستهجان لكوني سردت ما سردت "رغم جماله"، متساءلاً عن جدوى ذلك وفائدته في ظل ما مايعانيه وطننا من عبث وتوهان بسبب الطغيان. وأردف الصديق قائلاً: "ألم يكن من الأجدر قراءة الأحداث السيارة واليومية للبحث عن الحلول المناسبة لمشكلات البلد. ولم يكتف ذلك الصديق بما تقدم، بل نادى "بضرورة الكف عن سرد التاريخ مهما كان جميلاً والمساهمة بدلاً عن ذلك، بأفكارنا للتخفيف عن معاناة شعبنا، وبخاصة من مناضلين كانوا في حضن النظام".
صديقي العزيز، لقد سررت بتعليقك أيما سرور، لظني أنني كنت محظوظاً في أن أقبل صداقتك، وقبل أن تكتمل فرحتي بثوانٍ في أن أكون ضمن قائمة أصدقائك لمحت التعليق أعلاه على صفحتي لتتسع المساحة الزمنية لشريط الفرح عندي لأزمان أطول.
أولاً الشكر لك على حسن ظنك فيما يتصل بأهمية وإمكانية كتاباتنا في قراءة الأحداث اليومية للبحث عن مخارج عن الأزمات القائمة، وكلامك يثلج الصدور ويبعث الأمل حول أهمية الكتابة وجدواها.
فقط أود أن أقول، وذلك لاعتبارين إثنين الأول الواجب يتطلب الرد على تساؤلك الأخوي كإماءة احترام. والثاني المحاولة لمناقشة ما أوردته من أفكار واستنتاجات تتعلق حول الكف عن الكتابة فيما يتعلق بالتاريخ والتوجه لقراءة الأحداث الآنية لتلمس الحلول عن مشكلات اليوم... نعم لهذين الاعتبارين فقط أحاول التفاعل مع أسطر تعليقك، فعلى الرغم من أن كلمات تعليقك كانت قليلة، إلا أنها حملت رسائل كبيرة الإيقاع وبعيدة المدى.
إذن دعني أقول بملء الفيه: إنني أؤمن من أن ما نحن فيه من واقع، رغم قساوته، إلا أننا في الحقيقة ننعم بوطن تلهف إليه مهجنا ونحس بكبرياء الانتماء إليه. فأنا من الجيل الذي عاصر الثورة في أحلك مراحلها، اقصد من حيث المعيار العمري، فقد عاصرت مع الكثيرين مرارة الهزائم والتصفيات بين فصائلنا وقسوة الانسحاب من المدن المحررة قبل أربعة عقود من الزمان وتتلمذت تحت أبطال وهبوا حياتهم وهم في مقتبل أعمارهم.
علينا أن نتذكر أخي الكريم أن البعض القليل جداً من الأبطال الذين ذكرتهم في الموضوع العابر، أملته علي قناعتي وإيماني من أن ما ننعم به أنا وأنت وهو وهي ونحن وهم ونحن من احساس وحافز يدفعنا لنقد هذا ونقض ذاك، إنما هو ثمرة استشهاد أولئك الأبطال. فلأنهم دافعوا عن الوطن وأخرجوا المحتل منه وفي مرحلة لاحقة جاءت أجيال أخرى وتصدت لجحافل الغزاة في الحملات الثلاثة الأخيرة التي استهدفت أصلاً حرمة وسيادة وطن جاء بتضحيات الأجيال السابقة، والهدف من حملات الغزو ليس اسقاط النظام الديكتاتوري، كما يُعْتَقَدُ، إنما كان تدمير وطن وكسر إرادة شعب، بغض النظر عن ما رُوجَ عن أسباب النزاع ومن بدأه، وكأن ما دفع من ثمن لتحريره ذهب سدى.
بالتالي عندما أوردت بعضاً من نماذج وأسماء من شاكلة الشاب الشهيد عبدالرحمن باناي والثلة التي ذكرتها حينها وبالإمكان إضافة مئات من النوارس والأبطال الذين أؤمن، وللمرة الثانية والثالثة، إن ما ننعم به من خيرات [أقله "أن نمنح جنسيات وحمايات دول ومنظومات أجنبية في مشارق الأرض ومغاربها]، باسم "إرتري" إنما جاء بفضل تضحيات أولئك الأبطال الذين ذكرت عينة منهم، سواء الشهداء منهم أو الذين ما زالوا على قيد الحياة.
ولتعزيز ما قلته فيما سبق وللتدليل على أن قائمة الأبطال من أبناء الوطن طويلة ولا متناهية، ها أنا أضيف هنا بعضاً ولو قليلاً من الأسماء غير التي ذكرتها: ومعظمهم ليس غير مسجل في أي سجلات، فحسب بل ليس هناك من يذكرهم كشهداء سوى أسرهم وأصدقائهم. منهم الشهيد عثمان عبدالله عثمان "شرابو" الجيولوجي الذي استشهد وهو يؤدي واجبه المهني، والشهيد محمود إدريس شيكاي الذي استشهد أثناء ملحمة نادو إز والشهيد عثمان علي محمد نصرالدين الذي استشهد في شهر فبراير 1972 في معركة قرقر أثناء الحرب الأهلية وهو شاب نجح في الشهادة الثانوية السودانية ووجد حينها فرصتي دراسة جامعية إحداها في السودان والثانية في إيطاليا، مع ذلك قرر الالتحاق بالثورة في شهر مايو 1966م والشهيد عمار الشيخ، ,والشهيد القائد عبدالله هكل الذي استشهد في الميدان إثر قصف تعرضت له السيارة التي كان يقودها وبمعيته وفد من الذين جاءوا لحضور المؤتمر الوطني الثاني للجبهة في منتصف السبعينيات والشهيد أحمد يعقوب، والشهيد تخستي غيلاي والشهيد زرءو بئيدو والشهيد حامد طمبار والشهيد محمد إدريس بارياي والشهيد محمد طاهر والشهيد أحمد يعقوب والشهيد محمد داوود ركا والشهيد أبوبكر خيار والشهيد محمد إبراهيم دبساي والأخ والشهيد وصديق الطفولة محمد آدم حاج موسى (الذي التحق بالثورة من مدينة القضارف مع بداية عام 1980 وهو من أقرباء صديق الطفولة والصبا صالح علي كرار)، والشهيد إسماعيل كومر والشهيد يعقوب كلكلاي والشهيد شاعر القطرين الإرتري - السوداني محمد عثمان كجراي والشهيد أحمد محمد صالح الذي ترك أثراً جميلاً لدى كثير من الأسر للدور السياسي في فرع القضارف للطلبة ودورات محو الأمية التي كان يساهم في انجاحها بصحبة الأصدقاء عبدالله كشة وإدريس محمد كرار ومحمود عبده حمدي ومعاوية عبدالمجيد وعباس الفكي أحمد ومحمد جمع شيخ الدين ومعاوية عبدالمجيد وعبدالفتاح ودالخليفة ومحمد الحسن علي ناصر وإسماعيل أبو أري وحسين رمضان ومحمد علي عمر الدحيش وحسن الحاج إسماعيل وعلي الشيخ رمضان ومحجوب محمد إدريس ضرار والأخوات زينب ع. وحواء وخديجة ومريم وعلوية وسعاد ونفيسة س وآخرين. وذلك قد حدث منذ منتصف سبعينات القرن الماضي وأيام معارك أسمرا الشهيرة..
ومن الأحياء أيضاً وعلى سبيل المثال لا الحصر، صلاح سينوس وقرماي حدقو وصلاح عبي وصلاح قرينيت (فك الله أسره) وكبرآب هيلي وعندوم كبدوم ويوسف محمد علي ومولانا عبدالله خيار والصحفي محمد نور صالح يحيى والصحفي باولوس نتاباي والمربي عبدالرحمن شابيلاي ومحمد عمر إدريساي والجيولوجي محمد إبراهيم إياسو والصحفي والدبلوماسي فتحي عثمان والوجهان التلفزيونيان وملكتا الشاشة الإرترية السيدتان أمال علي محمد صالح ونعمة دبساي ومولانا خالد قصير والصحفي عوض اسماعيل والصديق الصحفي يوسف بوليسي ومحمد نور باناي وأحمد عمر شيخ وسنايت هيلي ومحي الدين شنقب وعبدالرزاق محمد موسى والصديقين المعتقلين جمع كميل وصالح الجزائري وإدريس أبعري وتسفاي قُمَرا وأكليلو سرقي برهان وحليمة محمد علي والمبدع محمد مدني وعشرات وبل مئات من الذين افتقدهم أحبتهم وخسرتهم أنا شخصياً، ولولا خشية أن يطول المقام لسردت أسماء الكثير من النوارس التي ما زالت تحلق في علياء سماء كبريائنا وراسخة في ذاكرتنا وهم ينتمون إلى الوطن كل الوطن ومن كل المكونات القبلية والقومية والدينية والإقليمية واللغوية، من الذين رحلوا ومن الذين ما زالوا يبنون وطنهم وليس، كما يتردد ويُعتقد، يخدمون النظام الديكتاتوري. فالأنظمة زائلة ولا محالة، ولا يُعْقَلُ أن يُهْجَرَ وطنٌ تحت ذريعة حكمه من قبل نظام "فاشي" أو مستبد!
هناك عشرات الآلاف من طلاب وشباب من أبناء الوطن الذين التحقوا بالنضال وقدموا أرواحهم خلال العقود الأربعة أو الخمسة الأخيرة من مجاييلي فمنهم من أعرفه شخصياً عن كثب وآخرون سمعت عنهم وتعرفت عليهم عن بعد، وجميعهم، حسب علمي، تركوا جماليات الحياة ومباهجها واختاروا الالتحاق بالثورة رغم قساوة الخيار لنصرة قضية شعبهم، فمنهم من سقط شهيداً في بقاع مختلفة من الأرض الإرترية ومنهم ما زال حياً. من هنا، صديقي العزيز لا يجوز أن نستكثر مسألةَ سرد مآثر هؤلاء الأبطال الأحياء منهم أو الأموات. أن الشهيد أو الحي الذي يسعى لبناء وطنه، سواء اختلفنا وإياه سياسيا أو اتفقنا، لا ينتظر مناَّ كلمة شكر أو ثناء، ولكن من واجبنا الأخلاقي أن نعترف بما يقومون به من أجلنا ومن أجل كرامتنا في عالم متحرك المصالح ومتناقض المواقف.
من هذا الفهم، أؤمن جازماً أهمية توثيق ما ذكرته من أسماء لأن التاريخ ما هو إلا مجرد تجميع لحكايات أفراد وقصاصات إناس عاشوا لحظات مهما قصرت فهم رواتها وبتجميع تلكم القصاصات والحكايات الفردية يتسنى للمؤرخين وضع تاريخ مرحلة من المراحل عبر مقارنة ومقاربة تفاصيل الروايات المكتوبة والشفوية. وبالتالي فإن مسألة هكذا خواطر وكتابات عابرة التي يكتبها البعض على عجل ودون اكتراث، ستنتقل إلى النشء وأجيال المهجر ليتعرف ولو على عجالة من أن هناك ثمة أبطالاً وصناديد في تاريخ الوطن ومن كل فئاته ومكوناته قدموا حياتهم قرباناً لتتبوء البلاد مكانة لائقة بها بين الأمم.
بالمجمل، إن محاربة أي محاولة تهدف تزييف التاريخ والذي يمارسه اليوم، أكثر من طرف في وضعنا وتحت ذرائع ومبررات كثيرة، منها الأبعاد السياسية لدى البعض والطائفية أو الإقليمية أو غيرها لدى البعض الآخر، يستدعي هذا التزييف خلق وعي جماعي عبر تمليك بعض من معايشاتنا كأفراد ريثما يتسنى للأكاديميين كتابة التاريخ الجمعي على نحو منهجي لا يقبل التأويل أو التزوير.
من هنا صديقي العزيز يتبين معنا أهمية وفائدة سرد حكايات عن بطولات تاريخية، في ظل العبث والتوهان الذي نحن فيه. علينا أن سرد قصص بطولات عن دنقس أري أو عثمان أبو شنب، أوأحمد ناصر أو الشيخ صالح تركي أو ملاكي تخلي أو بطرس سلمون أو محمد سعيد ناود أو تسفاي تخلي أو إبراهيم سلطان أو كبيري أو ولدآب ولديماريام أو لؤول قبرآب أو آمنة ملكين أبراهام ولداي أو محمد سعيد باره أو محمد صالح همد أو حسن همد عرفة وسليمان عبده والأخيرين من معوقعي حرب التحرير، عاشا مهملين في ومدينة القضارف يعانيان شظف الحياة لعقود دون أن يذكر أسميهما أحدٌ، لقد رحل الأول قبل أعوام قليلة دون نعي أو تأبين والثاني لازال يكافح في ظل ظروف قاسية يصعب احتمالها... إلى آخر القائمة والتي كما أسلفت قد تحتوي مئات الآلاف، الأحياء منهم أو الأموات. علينا أن نتذكر أن لوطننا مكونات عدة لايجوز إغفالها، حتى لو اعتقدنا أو تيقنا أن هناك من يسعى إلى وضع أسافين بين تلك المكونات، بالتالي علينا أن نشجع الناس ليكتبوا ما يعرفوه من تفاصيل سواء عايشوها أو سمعوا بها. وعلينا أن نساعد من تنقصه القدرة على التعبير أو الكتابة ليفصح عن ما يعرفه. وفوق هذا وذاك من واجبنا أن نكتب عن الأبطال الذين لم يتسن لهم المجال ليتحدثوا عن بطولاتهم وادوارهم، فهم جنودٌ مجهولون يستحقون منا نقل مآثرهم للأجيال الحالية ليظلوا نوارساً ونجوماً ساطعة فوق سماواتنا على مر الأيام والسنين. ويكون من باب الدعابة أن أسألك يا صديقي: كيف سيتعرف أبناؤنا على مآثر الأسماء التي ذكرتها أنا اليوم وتلك التي تضمنتها الخاطرة التي علقت عليها والمنشورة في شهر أغسطس 2017؟ وبالقطع هناك آلاف المآثر في ذاكرة آخرين من المهتمين من أبناء الوطن. كم كان سيكون مفيداً، على عكس ما تفضلت به صديقي الكريم، لو انصب بعضٌ من جهدنا لتوثيق ما نعرفه في إطار إهتمامنا بقطع النظر عن جودته أو دقته، المهم أن نوفر للباحثين والذين يمتلكون أدوات الكتابة والتمحيص مواد خام ونترك بقية العمل لهم. علينا أن نتعامل مع كل معلومة نعرفها دون استخفاف أو استهانة فهي بالغة الأهمية في معركة خلق وعي وطني حقيقي دون ردود أفعال غير مرغوبة.
والنقطة الأخيرة والتي أثرتها من جانبك صديقي الفاضل والمتعلقة بضرورة أن تكون لنا مساهمات في قراءة الأحداث والسعي لإيجاد الحلول للمشكلات القائمة مع الدعوة للاحجام وغض الطرف عن سرد قضايا تاريخية لعدم جدواها، أقول دعوتك لملاحقة الأحداث ولا شك ضرورية ولا تقل أهميةً عن السرد التاريخي الذي تقدم ذكره، ولكن لا يلغي ذلك السرد لأحداث تاريخية، بل على العكس أقول ونحن نقرأ الحاضر علينا أن نستحضر عبر الماضي ومآثره لنتصدى لعملية غسل أدمغة منظمة قد يتعرض لها إنسان الوطن بمختلف مشاربه. فقط يجدر التذكر هنا من أن إيجاد الحلول لأي مشكلة قائمة تستدعي بالضرورة عملاً سياسياً منظماً يحتمل المساومات والاصطفافات الحزبية، على عكس عملية استجلاب وقراءة أحداث التاريخ على شكل تخاطر أفكار تنداح بأريحية دون حسابات أو أغراض آنية لغاية تمجيد الأحياء قبل الأموات.