بقلم المناضل: علي محمد صالح شوم - دبلوماسى أرترى سابق، لندن

في هذه الحياة تجتمع بشخصيات يبهرك تجردهم وحبهم للعمل العام وخدمة أبناء جلدتهم دون كلل أو ملل...

وكان كذلك الأستاذ برهاني ولدي قبرئيل والذي رحل عنا يوم الاثنين الماضي الموافق 26 أكتوبر 2020 في مدينة لندن بعد مرض المّ به ولم يمهله طويلا.

الفقيد يعرفه القاصي والداني، ولقد عرفت الأستاذ برهاني عن قرب منذ فترة وجدت فيه كل السمات الجميلة... فخور بإرتريته... وطني جسور... خدوم لكل من أمّه، يتمتع بعلاقات طيبة ووطيدة مع مختلف الأطياف من أبناء وطنه، يتعامل مع الجميع دون تمييز مما أكسبه حب الكثيرين واحترامهم وتقديرهم له... الأستاذ/ برهاني أب لأربع - ثلاث أبناء وبنت واحدة - ولقد كنت قمت بزيارته مع أحد أعز أصدقائه الأستاذ/ علي هندي وهو في فراش مرضه قبل أسبوعين، وكأنها كانت زيارة الوداع.

الأستاذ برهاني عمل صحفيا في مجلة (Sudan Now سودان ناو) في سبعينات القرن الماضي في الخرطوم، كما عمل مدرسا في إحدى المدارس في بورتسودان قبل أن يهاجر إلى المملكة المتحدة. وفي الفترة التي عمل فيها صحفيا قد نشط وسط الإعلاميين السودانيين ليعرّف بالقضية الإرترية وعدالتها ويبلور كثير من نشاطات الثورة، فخلق علاقات قوية في أوساط المثقفين السودانيين، واستمرت هذه العلاقة حتى بعد مغادرته للسودان وكان يجيد اللغة العربية ويتحدثها بطلاقة.

وفي لندن أسس الفقيد المنظمة الإرترية للطباعة والنشر والتي أُعتمدت ضمن المنظمات المتعاونة مع مؤسسة (Initiatives of Changes مبادرات التغيير) والتي ساهمت في دعم كل المبادرات التي أطلقتها المنظمة الإرترية للطباعة والنشر والتي كان هو عصبها الحقيقي. تعود علاقة الفقيد بمؤسسة مبادرات التغيير إلى أواسط الثمانينات القرن الماضي عندما كان يعمل صحفيا في الخرطوم.

أطلق برهاني خلال مسيرته الحافلة عددا من المبادرات، منها:

• سيمينار العلاقة بين الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني في عام 2011؛

• سيمينار مستقبل العلاقات الإرترية الأثيوبية بعد رحيل رئيس وزراء أثيوبيا الأسبق – مليس زناوي؛

• كما عقد سيمينار عن آفاق التغيير في إرتريا والذي استضاف فيه بعض القيادات العسكرية السابقة للجبهة الشعبية لتحرير إرتريا.

• كان يعقد الأستاذ برهاني بالاستمرار لقاءات وسيمينارات بين الأكاديميين الإرتريين والأجانب من أجل تسليط الأضواء على معاناة الإرتريين.

إسهامات الأستاذ برهاني قد تعددت وكان يحاول أن يخدم أبناء وطنه من أي موقع مسؤولية أو منصة يحتلها، كان يؤمّن قاعات الاجتماعات والاحتفالات للمنظمات والأفراد الإرتريين في المناسبات الوطنية المختلفة أو تدشين صدور كتاب جديد... واهتماماته بخصوص أوضاع اللاجئين الإرتريين لا غبار عليها حيث كان يذهب إلى كالي - في الحدود الفرنسية البريطانية - لتفقد أحوالهم وتقديم ما أمكن تقديمه من المساعدات... وفي الحادثة المشؤومة في سواحل لامبيدوزا الإيطالية - والتي راح ضحيتها أكثر من 360 شخص - وكان بينهم الكثيرون من اللاجئين الإرتريين قادمين من ليبيا ذهب بنفسه إلى موقع الحدث... كما كان له إسهامات في دخول بعض اللاجئين الإرتريين من ليبيا إلى إيطاليا، فهذا كله يؤكد الحس الوطني العالي الذي تلبسه وعاش به ومن أجله.. وكان قد شارك في مؤتمر أديس أبابا، ومؤخرا شارك في مؤتمر المجلس الوطني الذي انعقد بالسويد... وكانت له مساعي لدعوة جميع التنظيمات الإرترية من أجل العمل معا إلا أن المرض أقعده والمنية كانت أسبق.

لا شك أن رحيل برهاني سيترك فراغا كبير في الأوساط الإرترية لاسيما الناشطة منها... إلا أنه قد ترك أثرا جميلا يذكره فيه أصدقاؤه وزملاؤه... فوداعا يا برهاني.

• السابق
• التالي