إلى جنات الخلد الأخ والصديق محمد نور أحمد حبونه - أبو عزالدين
بقلم المناضل: علي محمد صالح شوم - دبلوماسى أرترى سابق، لندن
بسم الله الرحمن الرحيم
انتقل إلى رحمة الله تعالى السيد محمد نور أحمد حبونه في الثاني والعشرين من شهر أبريل 2020
في ولاية فيرجينيا الامريكية إثر علة لم تمهله طويلا.
الفقيد هو أحد رواد الحركة الوطنية في مدينة كرن وكان يعمل صائغا ويعد من أبرز الشخصيات في شارع الصاغة، علما بأن الصاغة كانوا مجتمعا واحد في تماسكهم وتعاونهم ووقوفهم إلى جانب بعضهم بعضا في السراء والضراء، ومعروف عنهم نشاطهم الاجتماعي والسياسي. المرحوم محمد نور أحمد حبونه كان شخصية فريدة حيث كان اجتماعيا من الطراز الأول وصاحب نكتة حاضرة ومرح ومحبوب من أقرانه وزبائنه وكان دائما طيب المعشر بشوش الوجه.
في عام 1957 بدأنا كشباب نفكر في القيام بعمل سياسي منظم يجمع شملنا، فبدأنا المشاورات على شكل لقاءات ومشاورات ثنائية تمكنا على إثرها من استئجار بيت نلتقي فيه كخطوة أولى للقيام بعمل منظم وكان البيت تابعا لأوقاف جامع كرن. بدأنا بفتح فصل لتدريس اللغة العربية في نفس الموقع يشكل لنا غطاء آمنا للتجمع وممارسة عملنا وتم اختيار الأستاذ عبد الرحمن إسماعيل سكاب ليكون مدرسا لمادة اللغة العربية وكانت هذه وسيلة ناجعة لتغطية عملية التجنيد واستقطاب عدد من الشباب للعمل الوطني. فعلي سبيل المثال لا الحصر أتذكر بعضا من أسسوا ذلك التجمع الشبابي في مدينة كرن وهم: الأستاذ عيسى سيد محمد، المرحوم محمد سعيد عمر عنططا، السيد آدم محمد علي أكتي، المرحوم عثمان زرئوم السيد ادريس آدم صالح قرينت السيد محمد عمر يحي، المرحوم نوراي حبونه السيد يسن فتوراري محمد إسماعيل والمرحوم عمر صالح وشخصي.
وقد أخذ التجمع في تطوير أنشطته بسرية تامة في الوقت الذي أخذت عضويته في التنامي يوما بعد آخر.
في الثاني من شهر مارس من عام 1958 عقدنا اجتماعا موسعا للتجمع في منزل المرحوم نوراي حبونه الذي يقع بالقرب من الكنيسة الارثوذكسية في حي (عد حباب) كان الاجتماع يهدف إلى تقييم عمل التجمع خلال الفترة الماضية وبحث سبل تطويره، بعد انتهاء الاجتماع عند الساعة العاشرة ليلا وعند عودة كل واحد منا إلى منزلة تم اعتقال أحد الأعضاء وهو الأخ يسن فتوراري محمد إسماعيل من قبل المباحث C.I.D وقد تزامن ذلك مصادفة مع توزيع منشورات معادية للحكومة من قبل بعض الطلبة مما يدل على أن الشعور الوطني كان قد بدأ يعم الجميع في مدينة كرن الباسلة.
بعد ما تأكد لنا اعتقال الأخ يسن فتوراري عقدنا اجتماعا فورا لبعض الأعضاء حيث تم تكليف الأخوة آدم محمد علي أكتي والمرحوم عافة عثمان ضرار للذهاب إلى مركز الشرطة للمطالبة بإطلاق سراح الأخ يسن فتوراري حتى ولو بكفالة لكن السلطات رفضت ووضعت الأخوين في السجن واتصلنا ببعض الشخصيات الوطنية وطلبنا منهم التوسط إلا أن السلطات لم تتجاوب معهم.
وبعد فشل جميع المحاولات اجتمعنا وقررنا تحريك الجماهير وبدأت حركة الجماهير من شارع الصاغة ثم شركة (لبان) التي لها عدد كبير من العاملين والعاملات وتم اقفال السوق وجميع المحلات والدكاكين وتوجه الجميع إلى مركز الشرطة.
في الخامسة مساء جاءت قوة عسكرية تسمي بالفيلد فورس بقيادة العقيد زرئ ماريام أزازي حيث القى خطاب أمام الحشد الجماهيري وقال لا يمكن إطلاق سراح المعتقلين إلا بعد التحقيق معهم وطلب من الجمع أن ينفض وإلا سوف يتخذ إجراءات صارمة في هذه الأثناء قال له المرحوم محمد سعيد عنططا أرسل الصواريخ ورمى حجر فضرب العقيد في صدره وأمر أزازي باطلاق النار بينما كانت الجماهير ترد على النار بالحجارة. وبدأت الشرطة في المساء اعتقال المتهمين من منازلهم فيما حكم عليهم بالسجن ما بين ثلاثة إلى ستة أشهر وكانت ثورة الحجارة في كرن قد سبقت ثورة الحجارة في فلسطين.
نسأل الله أن يتغمد الفقيد الراحل بواسع رحمته