نــعي ألــيم: المناضل إبراهيم إسماعيل ميشيشو أمريكاني في ذمة الله
بقلم المناضل: حُمد محمد سعيد كُلُ - ديبلوماسي سابق ومحلل جيوسياسي، لندن بريطانيا
بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، وبمزيد من الحزن والسى، تلقينا نبأ وفاة المغفور له باذن الله
إبراهيم إسماعيل ميشيشو الملقب ب"أمريكاني".
عرفته في العام 1967م في الخرطوم، كان حينها عضوا في حركة تحرير ارتريا، وانا كنت عضوا في جبهة التحرير الارترية، وبالرغم من ان تلك المرحلة كان طابعها الجدية لحداثتنا في تجربة العمل السياسي والتنظيمي، لكن المغفور له كان ودودا لا يصدر منه اى لفظ سيئ، كان طيب المعشر خلوق وفى لصداقته. في فترة لاحقة انصهر تنظيم حركة تحرير في قوات التحرير الشعبية، ثم دار الزمان فجمع بيننا التنظيم الموحد. ومع التحرير والاستقلال وجدنا أنفسنا في أرض الوطن.
صدر مرة قرارا بتعينه قنصلا في اليمن، وبدأ الاجراءات ثم توقفت، وتم تعينه في الاوقاف لكنه كان يواجه بعض المضايقات وكان يواجهها بالصبر، وهو بطبعه صبور ويمتلك روحا مرحة.
العلاقة بينه والمرحوم محمد سعيد ناود لم تكن علاقة تنظيمية فقط بل كانت علاقة عشرة ومحبة وصداقة متينة وكلاهما وصلاالى قناعة أن "أسمرا" هى نهاية الرحلة أى المحطة الاخيرة. وأسمرا لأيراهيم اسماعيل هى محبوبته ولايريد فراقها رغم كل مايواجهه، ولم يكن هذا رايه هو ومحمد سعيد ناود بل هناك بعض الاصدقاء ولأسباب عديدة وصلوا لى هذه النتيجة، ولهم الحق في خياراتهم.
ابراهيم اسماعيل وجد اسمرا كما تركها، قد نجا الى حدما واندمج مع اهلها بالرغم من كل معاناتهم، كنت أجده في الفترة الصباحية من الساعة العاشرة حتى منتصف النهار في النادي الايطالي يمارس هوايته مع الاصدقاء وهى لعبة "البلياردو".
تلك هى اسمرا تملك جمال الطبيعة بمناخها لكن لم تتغيير معاناتها، الفقر يعشعش فيها، تعاني من جفاف ثقافي، لا مراكز ثقافية ولا منتديات لا صحف او مجلات ثقافية سوى صحيفة ارتريا الحديثة اليتيمة. امامك فقط "البار" لتفني فيه حياتك او لتنتحر.
العسكر والامن والمخابرات تحصي أنفاس الناس والسجون تلتهم الناس، والاضطهاد بشكل عام هو نفسه لم يتغيير او يتبدل بل زاد سوء كما تركه سيئ الذكر الامبراطور هيلى سلاسى والى الان لكن البعض بدأ يقول أيام الامبراطور افضل الى حد ما من ايام منقستو، اما الوضع الحالي فاكثر سوءا.
أصبح منظر المتسولين والمتسولات في شوارع اسمرا شئ عادي، وبعضهن حاملات اطفالهن يتضورون جوعا وخلف شوارع اسمرا الرئيسية اكثر سوءا، شيئ لا يطاق ويزداد يوما بعد يوم، المجانين الهائمين على وجوههم، مناظر تقشعر لها الأبدان.
هذا هو الوطن الذي ناضل من اجله كل ابناء الشعب الارتري. بعضنا يموت حاملا معه حسرته الى القبر، وسجون تبتلع أشرف المناضلين الذين قدموا زهرة شبابهم لهذا الوطن، ومناضلون داخل الوطن طواهم النسيان، واخرون تائهون في المنافي ينتظرون الوعد.
رحم الله ابراهيم اسماعيل رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته مع الصديقين والصالحين، والهم ذويه الصبر والسلوان.
"انا لله وانا اليه راجعون"