نحن واهدافنا - نحنان علامانان

بقلم الأستاذ: أبو صادق - كاتب وناشط ارتري

كان لابد للامبريالية وعلى رأسها أمريكا والصهيونية العالمية أن تنسج مخططاً إستعمارياً جديـداً

يركز على فصل الشعب الإرتري من محيطه العربي والاسلامي، وعلى هذا الأساس يبــدوا ان الحسابات الامبريالية كانت مبنية على احتواء الثورة الارترية طالما أن الاحداث توحي بإستحــالة دوام التوسع ألإثيوبي في إرتريا.

ولهذا بــــدأت تفتش عن مداخل في صفوف الثورة إلى أن وجدت ضالتها في الجبهة الشعبية متمثلة في شخصية أسياس أفورقي الذي كان ولازال ينفي العلاقة التأريخية والاجتماعية والثقافية لإرتريا بأشقائهاالعرب والمسلمين.

ليس هذا فقط بل أصبح يمحوا الثقافة العربية في إرتريا تمهيداً لمحاربة الديانة الاسلامية بإعتبار أن اللغة العربية هي لغة القرأن الكريم وهذا يعني محاربة كل ماله صلة بالإسلام، وهذه حالة شبيهة بإراز حزب الاتحاد (إندنت) الذي كان يدعوا إلى الوحدة مع إثيوبيا من منطلق الأهداف المذكورة أعلاه وإن إختيار الجبهة الشعبية لتنفيذ مخطط التآمر على الثورة لم يأت بشكل عفوي او إعتباطي بقدر ماكان مستنداً إلى بيان أسياس أفورقي ألمشؤوم الذي صدر في عام 1969م تحت عنوان (نحن واهدافنا) وهنا يجب علينا أننقول صدق أسياس في قوله لأن (كل إناء بما فيه ينضح) إذ كانت أهدافه هدم الوحدة الوطنية وتشريد الشعب الإرتري من أرضه ووطنه، وها هو اليوم يعيش المواطن الإرتري هائم على وجه الأرض مسجلا غياباً عن وطنه بغير إرادته. وهنا علينا أن نُذَكّر ببعض فقرات البيان المذكور لمعرفة مآرب مصدريه، إذ يقول في أحد عناوين فقراته الجانبية (نحن إرتريون ولسنا عرباً)، وكذلك يقول في فقرة اخرى (إذا كان هناك هدف لتحرير المسلمين وحدهم إننا نعارضهم ونعارض أيضاً أي جهد تبذله الجبهة)، وكان يتهم الجبهة بإستخدام النعرات الدينية والقبلية كأساس لاديولوجية الثورة.

ففي الوقت الذي نضحض فيه إدعائات اسياس نؤكد أن البواعث الدينية هي التي جمعت بين أعضاء ذلك التجمع اذ يشير إلى حقيقة مصدريه بانهم ينتمون إلى الفئات المسيحية ومنذ ذلك الوقت كانت تشتم من البيان المذكور رائحة التفتيت للمجتمع الارتري، وكانت الجبهة تدرك ماكان يسعى اليه أسياس منذ التحاحقه بألثورة في عام 1965م، وكان لها بعض المعلومات من خلال زملائه في جامعة أديس أبابا بأن إيمانه بألنضال ضعيف ومشكوك في ولائه للثورة، ولم تأخذ قيادة الجبهة تلك التهم مأخذ الجد وكانت تعتبرها لا تتعدى مفهوم مزاودات الشباب فيما بينهم وهذا لايعني إغفالها بأن النضال الوطني ستخترقه بعض الايادي الخفية وعلى الرغم من ذلك كانت تنطلق من مبدأ للضرورات احكام، وإن الضرورات تبيح المحذورات ومن هذا المنطلق احتضنته الثورة لإعتبارات إجتماعية، إذ كان في ذلك الوقت اغلب أبناء المرتفعات من المسيحيين مسجلين غياباً عن الثورة بسبب إنحيازهم إلى جانب العدو ألإثيوبي، وإن قيادة الجبهة كانت تفهم تعقيدات الساحة ألإرترية ولهذا لم تفسر غيابهم بأسباب تتعلق بالعمالة بقددر ما كان تفسير ذلك الغياب من منطلق عفويتهم والمحافظة على مصالحهم الشخصية بدليل عندما أدركت تلك العناصر أهمية الوطن وبدأت تتغذي بألروح الوطنية من خلال برامج التوعية التي كانت تقوم بها كوادر الجبهة في داخل المدن ادركت إن مصالحها تتجسد في إنتمائها إلى الثورة فسرعان مانبذت المصالح الشخصية وإنحازت إلى جانب الثورة وبدأت الكفاح السلح جنباً إلى جنب مع إخوانهم الذين سبقوهم في النضال من أجل حرية الوطن والمواطن.

ولكن أثبتت الاحداث ان أسياس أفورقي لم يكن من هذا ألنمط من المواطني ألابرياء من سكان المرتفعات، إذ جاء الي الثورة لتنفيذ مخططاً رسم له من قبل الدوائر ألإمبريالية والصهيونية بذهنية تفتيت الثورة والشعب والسعي لخلق حالة من التباين بين سكان المرتفعات وبقية الأقاليم في البلاد، وهنا أقول ألان حان الوقت لنسمي الأشياء بمسمياتها (مسلمين ومسيحيين) وأيضاً حان الأوان لنسأل إخواننا المسيحيين في المرتفعات ولازلنا نقول إخواننا لأن مايربطنا أكثر من ألذي يفرقنا إذ أن هناك رابطة الوطن التي تجمع بيننا، نسألهم عن موقفهم من برنامج حزب الجبهة الشعبية (للعداوة والدكتاتورية) الذي اطلق عليه ظلماً وتجنياً (للعدالة والديمقراطية) ولوكانت لهذه المفاهيم لسان تنطق به لتبرأة منه، المهم ان ما نود تأكيده هنا إن برنامج الجبهة الشعبية الحالي هو نفس روح البيان (نحن واهدافنا)، وما يهمنا هنا ليس الجبهة الشعبية وبرنامجها ولكن ينصب همنا وإهتمامنا بموقف الخيرين من المواطنين من الطوائف المسيحية عن رأيهم فيما تخلقه الجبهة الشعبية من التباين والشتات بين المجتمع الإرتري ونطالبهم بأن يقولوا كلمتهم التي تحفظ وحدة الشعب والوطن، وليكون الوطن حضناً دافئاً وحنوناً يسع الجميع ونحن عندما نطرح هذا التسائل لم يغب عن بالنا بأن هناك قوة وطنية من إخواننا المسيحيين في المرتفعات يرفضون ممارسات قيادة الجبهة الشعبية في تفكيك الوحدة الوطنية ولكن حديثنا هذا موجه إلى المغرر بهم في إنحيازهم للجبهة الشعبية . وهنا يجب أن اُذَكّر بأننا لانستجدي المواقفف من أحد ولا نطلب اكثر مما تتطلبه المصلحة الوطنية المشتركة.

بعد هذه المقدمة التي نعتبرها ضرورية للتذكير ببعض المسائل حتى لايطويها النسيان علينا أن نعود الى عنوان مقالنا (نحن واهدافنا) وهنا اسمحوا لي أن إقتبس هذا العنوان من البيان المذكور أعلاه والصادر في عام 1969م لنوضح من خلاله موقف المسلمين بصفة عامة وجبهة التحرير الإرترية على وجه الخوص، ولنرد على اسياس بمنطق أقوى من منطقه ولنقول له نحن مسلمون وإرتريون وعرب فإذا كان هناك هدف والهدف واضح لإبقاء إرتريا للمسيحيين وحدهم فإننا نعارض ذلك ونقاوم بشدة أي جهد يبذله تنظيم الجبهة الشعبية لطمس الهوية الاسلامية او تهميش دور المسلمين في إرتريا فإذا كان أسياس يتحدث في السابق بألشكوك والتكهنات نحن نتحدث الأن بالأدلة الدامغة والبراهين وما هو ظاهر للعيان في تجاوزه على حقوق المسلمين في إرتريا، وهنا نرجع لنؤكد إن تهم أسياس للجبهة لم تستند على حقائق أو أدلة بقدر ماكانت مقدمة لتنفيذ مخططه التآمري على الثورة بدليل ان الجبهة إحتضنته ومن كان من قبله من المسيحيين من امثال {قبرهوت ود حمبرتي، وتخلاي زقاي (عبدالله زقاي)، وأبرهام تولد، وممهرعقبانكئل مسمر،وابرهام تخلي وولد داويد تمسقن،وامانؤئل قرمازيون،وقبر هوت قلتا، وسيوم عقباميكائل، ودبروم طلوق} وغيرهم الكثيرين ولنقول له:-

اولاً: لاغربة على السلمين أن يكون لهم القدح المعلى في كل تأريخ النضال الوطني ومنذ أقدم العصور وكانوا دائماً وأبداً يتقدمون الصفوف ومن ثم تلحق بهم بقية العناصر ولهم تأريخ ناصع البياض في مواجهة مختلف انواع الاستعمار.

ثانياً: لنؤكد له بأن جبهة التحرير الارترية لم تنبت من فراغ بقدر ماكانت امتداد لتلك النضالات التي قادها الرعيل الاول من السياسيين من امثال الشهداء عبد القادر كبيري وإبراهيم سلطان وادريس محمد آدم وغيرهم والقائمة تجر إذا أردنا أن نخوض في تفاصيل نضالات ومواقف آبائنا، وإختصر حديثي فيما دفعني لكتابة هذا المقال وبهذا العنوان لشعوري بإلافتراء على حق المسلمين وجبهة التحرير الارترية التي تأسست في عام 1960م في القاهرة وبتفكير وقيادة المسلمين ولكن هذا التفكير العظيم لم يصب اصحابه بالغرور ليجعلهم يتناسون شركائهم في الوطن وقد تضمنت دباجة دستور جبهة التحريرالإرترية عند تأسيسها إقرار اللغتين العربية والتجرينية بأنهما لغتا البلاد الرسمية وبذلك كان السلمون سباقون كعادتهم للاعتراف بحقوق الاخرين وهنا تجذر الاشارة عند صياغة ذلك الدستور لم يوجد مسيحي واحد في الجبهة عند تأسيسها ولكن بعد إنبثاقها بفترة وجيزة أُشرك في قيادة الجبهة المناضل طلهون هيلي ملكوت وبترشيح وتزكية قيادة الجبهة وسافر المذكور مع وفدها الى نيو يورك لعرض القضية الارترية على الامم المتحدة في أواخر عام 1961م وكان الوفد برئاسة المناضل الشهيد ادريس محمد آدم مندر رئيس المجلس الاعلى للجبهة وعضوية الشهيد عثمان صالح سبي بجانب طلهون هلي ملكوت، والجدير بالذكر إن طلهون هوإبن الزعيم الوطني الكبير ألرأس هيلي ملكوت الذي كان له شرف مقاوم الاستعمار الايطالي وأيضاً مشاركته فيما بعد مع القوى الوطنية في مقاومة الاستعمارالبريطاني في اربعينيات القرن الماضى.

في الواقع إنني لا اريد ان استرسل في الخوض في الجوانب التأريخية خوفاً من أن املك الشعب ألارتري معلومات خاطئة وأن ماذكرته فقط لاظهار حق هذا الرجل من ما حفظته الذاكرة من معلومات كان يذكرها أبو الوطنية الزعيم الخالد ابراهيم سلطان علي والقصد من وراء ذلك هو إعطاء كل ذو حق حقه، وأيضاً لاذكر اسياس ومن والاه بأن هناك إخوة في الوطن من المسيحيين لهم شرف النضال ضد مختلف أنواع الاستعمار في إرتريا بجانب إخوانهم من المسلمين.

وايضاً أن المسلمين لم ولن يسعوا لإقصاء أو تغييب العنصر المسيحي من منطلق إيمانهم بان الطرفين معادلة سحابية يكمل بعضهم بعضاً وكان دائماً شعار آبائنا من الرعيل الاول في الحركة الوطنية (الدين لله والوطن للجميع) ولتأكيد شعارهم هذا اكلوا سوياً وليمتين كانت الالى في منزل أحد المسلمين والزبيحة فيها بالطريقة الاسلامية والوليمة الثانية كانت في منزل أحد المسيحيين فيها ذبيحة بالطريقة المسيحية، وإن المسلمين لم يأتوا ببدعة عند اكلهم ذبيحة المسيحي لان الدين الاسلامي يبيح ذلك في قوله تعالى (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ) صدق الله العظيم المائدة الآية 5. ومن منطلق إعتراف الاسلام بإن الانجيل احد الكتب السماوية التي انزلها الله سبحانه وتعالى وكان هذا الاعتراف أحد اهداف تمسك المسلمين بالوحدة الوطنية وعندما نتحدث عن حزب الرابطة الاسلامية كان من اهم اهدافه السياسية تحقيق الوحدة الوطنية والمحافظة على وحدة إرتريا ارضاً وشعباً وأن إنخراط حزب الرابطة الاسلامية فيما بعد في الكتلة الاستقلالية ومقاومته مشروع تقسيم إرتريا ما هو إلا للتأكيد على روح الوحدة الوطنية، وهنا يجب أن لايفهم من حديثنا هذا بأننا نزكي المسلمين لان الاسلام يحذر من تزكية النفس ويأمر بألعمل في قوله تعالى (فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى) صدق الله العظيم (النجم الآية 32). ومهما حاولت الجبهة الشعبية أن تختفي وراء شعار الوطنية إن ممارستها مكشوفة وفي معيتنا الكثير من الادلةوالمستمسكات التي تكشفها وتعريها امام المجتمع ألإرتري فالضرب على الضراب هين والبادئ اظلم. ونحن لا نقول كمنطوق المثل العربي (على أهلها جنت براقش) بل نقول على نفسه وتنظيمه جنى اسياس لان اهله هم أهلنا ومطالبين بألمحافظة عليهم وعلى حقوقهم الوطنية والاجتماعية والثقافيه والاقتصادية والدينيه من منطلق تمسكنا بالآية الكريمة (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ).

المهم القصد من وراء كتابة هذا المقال هو التذكير بكل ما تحمله عقلية اسياس من حقد وكراهية للاسلام والمسلمين في إرتريا، والدليل على ذلك وصفه جبهة التحرير كجبل من ملح على اساس انها من فعل المسلمين ويقول في توضيح تأمره عليها (إنه سيقف بألقرب من قمته أي من قمة جبل الملح ويصب عليه الماء من الاعلى الي أن يذوب ويتلاشى في مكانه) بهذه العقلية الندية تعامل اسياس مع جبهة التحرير وهنا نرد عليه بقول الله تعالى في الآية 17من سورة الرعد (كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ) صدق الله العظيم. وهنا أقول مسترشداً بالآية الكريمة إن جبهة التحرير الإرترية بمالها من تأريخ نضالي ومنافع للناس والوطن ومن خلال وقووف الجماهير الارترية بجانبها فستمكث في الأرض بإذن الله تعالى،وما دونها فيذهب جُفاءً إن شاء الله.

هذا وأخيراً إنني على يقين بأن حديثي هذا قد لا يحلو للكثيرين من الاخوة من منطلق اعتقادهم إن هذا الحديث سيعمق الصراع الطائفي في إرتريا وهنا اقول ايضاً كما في المثل (لا يؤلم الشاة سلخها بعد ذبحها) فماذا بقى لنا نحافظ عليه مع نظام الجبهة السعبية التي إنتهكت كرامتنا وعرضنا وسلبت مساكننا ونحن المظلومين والمكلومين ومسلوبي حقنا الوطني، وعليه ادعو كل الخيرين من ابناء الوطن لربط الجأش والاستعداد لرد حقوقهم لان ما أُخذ بالقوة لا يرد إلا بألقوة والله ولينا في كل ما نصبوا اليه لصالح الامة والوطن.

ولنا عودة، وسنوجه حديثنا فى المرة القادمة بإذن الله الى فصائل المعارضة بصفة عامة إذا كان فى العمر بقية.

للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

Top
X

Right Click

No Right Click