حريق إرافلي 1970/5/7 والهجرة الى سلطنة أوسا

بقلم الأستاذ: عمر عثمان ديهيشي - كاتب وناشط سياسي إرتري

اكتب هذه السطور وفاء بما وعدت به القراء الكرام في مقال سابق بمناسبة عيد الإستقلال التاسع عشر

بان اكتب بعض السطورعن قريتي (إرافلي) لأن ابادتها كانت جزءا من فاتورة شعبنا ثمنا للإستقلال.

في الحقيقة انا لااكتب تاريخ هذه القرية وانما ادون بعض الخواطر والذكريات.

فمنذ ان اطلق القائد عواتي الرصاصة الأولى في جبال (ادال) في غرب ارتريا معلنا الكفاح المسلح من اجل الاستقلال كانت تبعاتها كبيرة على المسلمين.

فقد سالت دموع امهاتنا وترملت اخواتنا وتيتم اطفالنا وحرقت قرانا ودمرت ممتلكاتنا وشردنا من ديارنا وكل ذلك قبل غيرنا من ابناء الوطن.

ومما يزيد الأمرمرارة وألما ان كانت تلك الويلات والإبتلأت بأيدي وإرشاد من ابناء الوطن (الكماندوس) تلك الفئة المجرمة التي جرائمها تتواصل حتى الساعة مع طاغية اسمرا، اذ لم تكن تعرف اثيوبيا أودية مثل (نبا جدي وحدس) وجبال (سويرا، ديعوت، دقعا) وصحاري دانكاليا…الخ.

ولتضيق الهُوة بيننا ومن باب ابداء حسن النويا، على المسيحيين بكل توجهاتهم ان يُقروا بشجاعة في ملتقى الحوار الوطني المقبل، ان استقلال ارتريا كان سببه المسلمون اذ كان السواد الأعظم من المسيحيين قد حسم خياره بالوحدة مع اثيوبيا، ونحن بدورنا نقول ان انحيازهم للثورة لاحقا اكتمل به وحدة الصف الوطني وعجل من تحقيق هدف الثورة في الإستقلال.

وهذه ابجديات تاريخنا الحديث الذي ان امكن تزويره اليوم فلن يسمح بتزويره كل يوم.

استمرارا لسياسة الأرض المحروقة التي كان يمارسها جيش هيلي سلاسي في مناطق المسلمين من ارتريا قام في مايو 1970م بحرق سلسلة من القرى التي تقع جنوب مصوع الى شمال دانكاليا وهي حدش، بابيشو، إرافلي، عبدور، بردولي على التوالي.

وكان حريق ارافلي في 7 مايو 1970م قتل فيها اكثر من اربعين شابا من اهلها فقط وابيدت كل المواشي خاصة الإبل التي وردت مياه (أرقن) ذلك اليوم.

ثم اشعلوا النارفي البيوت بما فيها من متاع تاركين الأطفال والنساء والشيوخ يلتحفون السماء ويفترشون الأرض يهيمون في العراء يشكون حالهم الى خالقهم، ومازالت تلك الصورة المفجعة لقريتنا في ذلك اليوم عالقة في اذهاننا حتى اليوم.

ولن ينسى التاريخ تلك المواقف المشرفة لأهل (زولا وفرو) في تلك المحنة اذ قاموا بواجب الإغاثة والإيواء لإخوانهم المنكوبين خير قيام.

ولعله يأتي يوم يتم فيه حصر دقيق وتدوين لكل تضحيات شعبنا من اجل الإستقلال ويزين به المتحف الوطني الإرتري لتفتخر به الأجيال القادمة.

وإرافلي التي تقع على بعد 90 كم تقريبا من ميناء مصوع على ساحل البحرالأحمر - وردت روايات انها كانت احد معابرهجرة الصحابة رضوان الله عليهم الى الحبشة وجاء اسمها من الجملة العربية (ارى الفيل) ومما يعزز هذه الروايات ان هناك ضاحية من ضواحيها كان يكثر فيها الفيل وتسمى (دكني حدى).

وهي احدي التجمعات الإرترية النموذجية حيث سكانها من الساهو، العفر والتجري من اهل (زولا) كما كان من سكانها في السابق بعض الأسر من حرقيقو (آل عامر، آل شوكورو، آل دبكر، آل شيواي وغيرهم).

وقد ارتبط اهلها بالقضية الوطنية منذ وقت مبكر كما ذكر ذالك الزعيم الوطني والمؤرخ الكبير/ محمد سعيد ناود باعتبارها من اوائل المناطق التي نظمت بها خلايا لحركة التحريرخارج المدن الرئيسية.

بعض الوجوه المعروفة من ابنائها خاصة في الثورة والدعوة الى الله:-

• عميد ادب الساهو بعد (فدِي كُوبي) الحاج/ صالح اندقو الذي الهب مشاعر الأحرار والثوار بشعره الغزير والفريد.

• المناضل الكبير/ احمد محمد جاسر الملقب من رفاقه بـ (ارشيف الثورة).

• الأستاذ/ محمود احمد شيخ من قيادات العمل الوطني في القاهرة وكيل النيابة بدولة الإمارات العربية المتحدة حتى تقاعد.

• الأستاذ/ محمد باشا سليمان علي قاضي في محكمة طيعو سابقا.

• رجل الأعمال وصاحب مسجد في حي (ارحبا) بجيبوتي عسى احمد حمد.

• المناضل/ محمد علي قاضي ممثل قوات التحريرالشعبية في المغرب العربي.

• المناضل/ ابوبكر محمد حسن قاضي من ابرزالقيادات الميدانية لقوات التحريرالشعبية الأولى.

• المناضل/ احمد صالح كرانو مندوب قوات التحريرالشعبية في جيزان - السعودية.

• المناضل/ محمد شفا حمد مندوب جبهة التحرير في حديدة - اليمن.

• الداعية الإسلامي الكبير بجبيوتي الشيخ/ عثمان سليمان الذي انشاء مدرسة الإرشاد الإسلامية في منتصف السبعينيات القرن الماضي حتى طورها الى المرحلة الثانوية بجهده المخلص وبدعم المحسنين وهي اليوم صرح تعليمي شامخ في جيبوتي تخرج منها اجيال يتبوؤن مناصب في الدولة، ويديرها مجموعة من الشباب الكفؤا بقيادة احد خريجي الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وهو الأستاذ/ احمد يوسف سفر جعله الله خير خلف لخير سلف.

• الداعية الإسلامي المتجول عضو لجنة الإفتاء في اقليم العفر في اثيوبيا الشيخ/ احمد محمد حيدرة.

كان لزاما على اسرتنا الصغيرة ان تبحث عن مكان استقرار بعد النكبة فكانت هجرتنا الى سلطنة اوسا التي سبقنا الوالد اليها والى جيبوتي والذي كان يتمتع بعلاقات واسعة مع العفر، فقد استقر بنا المقام في مدينة (دبتي) ثاني مدينة بعد عاصمة السلطنة ايسعيتا.

كانت سلطنة اوسا احدى مناطق لجؤ الإرتريين خاصة المسلمين وكان السلطان علي مرح يحيط الوافدين الى سلطنته برعاية تامة كما ذكرت ذلك في مقال سابق، كما ان الوافدين كانوا على درجة كبيرة من العفة ولإعتزاز باالنفس، فعمل اكثرهم في التجارة ومشاريع زراعة القطن باستصلاح اراضي جديدة منحت لهم من السلطان.

وعملاً بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم (من لايشكر الناس لايشكرالله) فقد قام كل من الداعية الإسلامي المعروف ومدير مدرسة الجالية باسمرا في السبعينيات القرن الماضي الشيخ/ صالح حامد وقاضي مدينة صنعفي السابق القاضي/ محمد أونا يوسف بتسجيل كل منهما زيارة للسلطان علي مرح لشكره على ماقدمه لإخونه وقيامه بحقوق أخوة الإسلام على اكمل وجه.

وينعم اليوم اقليم العفربما فيها سلطنة أوسا في اثيوبيا الفيدرالية بحرية وتنمية وازدهار على كل الأصعدة مرحبا كذلك بالإرتريين بشرط ان لايكونوا عملاء لطاغية اسمرا.

اسأالله ان يرحم ويغفر لمن انتقل الى جوار ربه و يمتع بطاعته ويختم بالحسنى لمن على قيد الحياة ممن ذكرتهم في هذا المقام وجميع المسلمين.

للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

Top
X

Right Click

No Right Click