المختطاف الأستاذ نافع إبراهيم فكاك

بقلم الأستاذ: أحمد فايد - كاتب وناشط ارتري

أخي نافع، أعرف يقينا أكثر من كثيرين غيري بأنّك كنت متفائلاً بالمستقبل الباهر

نافع إبراهيم فكاكالذي ينتظر إرتريا وشعبها بعد التحرير، وأذكر أنك كنت قد صارحتني وأخوة آخرين بأنّ القادم بعد تحرير إرتريا سيكون دائما أفضل. وأن الحرية شأن عظيم سنعرف قيمته حين نعيشه.

نعم أخي نافع، لهذا الحد كنت متفائلاً رغم الألم الذي نشأ وترعرع في تفاصيل أيامك بدءً من (ديسمبر عونا 1970) ووصولاً إلى (ديسمبر كرن 1994).

أعلم دون شك أخي نافع، كم أنّك كنت متفائلاً ولم تتوقع كل هذا الغدر وكل هذا الغل من الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا تلك الفئة التي حسبتها وطنية وقادمة لتحرير الوطن وعلى رأسه إنسان إرتريا وصاحب الوطن.

اختطف الأستاذ نافع إبراهيم فكاك ٢٤ ديسمبر ١٩٩٤م الساعة العاشرة ليلا“.

رغم إختطافك، أخي نافع، وإخفائك لمدة 28 سنة من قبل نظام الشعبية الإقصائي (الظالم إرتريا وشعبها)، أود أن أؤكد لك أنك لم تغب يوما عن بال أي من أبنائك وبناتك وإخوانك وأخواتك ممن أخلصت لهم تعليماً ونصحاً وإرشاداً.

وأشهد أخي نافع، أنه وبالرغم من الظلم الذي تم استهدافك به أنت وصحبك المخلصين، ورغم حرمانك من أهلك وحرمان أهلك منك؛ ظللت ومازلت في نفوسنا وقلوبنا رمزاً لنهر العطاء المتدفق الذي لم ينضب يوماً.

تلاميذك اليوم يقولون عن عطائك؛ فيتحدث أحدهم عن براعة إخراجك لاحتفالات المعهد بخمس لغات في آن واحد. ويتحدث آخر عن القصائد والأناشيد التي ظللت تنظمها بخمس لغات أيضاً، وما زال تلاميذك يتغنون بها.

أشهد أخي نافع، أنني سمعت بالأمس أحد تلاميذك يذكرك بالخير الكثير ويحكي تفاصيل أيامك في معهده فينشد إحدى قصائك "معهدي يا معهدي" كما أشهد بأن تلميذة ممن ربيتهم انت ورفاقك، حدثتني مؤكدة بأنه مازال بحوزتها صفحة بكلمة نثر عن أهمية تعليم البنات بخط يدك "يقن دي يشان دي...".

لن نكتفي بهذا وسنعود قريباً لنحكي عن منجزاتك وإخلاصك، أخي نافع؛ وسنحكي عما كان سيحدث لولم يغلق النظام الطائفي أبواب الأمل أمام شعبنا بإخفائك ورفاقك.

سنحكي عما حدث في "سابرابجو" وسنقول كم كان عدد الأسر ممن أمنتهم بكلمات بسيطة بعد أن تم ترويعهم والتقليل من شأنهم لمجرد أنهم كانوا يرغبون أن يرسلوا أبناءهم إلى حقات للإلتحاق بالتعليم في معهدها.

سأحكي عنك تفاصيل يوم أن طلبت من زملائك بالمكوث في داخل المعهد في هدوء وخرجت وحدك لتتصدى للمدجج بالسلاح بمنطق الكلمة وأعانك الله على ذلك، وهو الذي كان يصر على اقتحام المعهد لملاحقة تلميذ ادعى أنه وصفه بالአህያ (حمار بالأمهرية) وادعى أنه اختلط بالتلاميذ المهرولين الى داخل المعهد.

أخي نافع، حين أتى سارق المستقبل وأقصانا وأقصى ثقافتنا وآمالنا، لم يسأل أحداً ولم يستشر أحداً، بل قام باستئصال ما أراد دون وازع وطني ولا رادع ممن تحولقوا حوله من أبناء الوطن.

لا أخفيك سرّاً أخي نافع، أن من هؤولاء المتحولقين حوله حينها من أتانا ناصحاً ومدعياً الأمانة في النصح، وقال لنا "إن لم ترغبوا أن تجدوا مصائرهم، إنسوهم، وابدأوا صفحة جديدة، وانسجموا مع الأمر الواقع".

ولكننا لم ننس تفانيك وتفاؤلك الذي به بدأنا (كما ظللت تبدأ) فقلنا لهم لم ولن ننس وقلنا لهم أننا متفائلون بعودتهم جميعاً أحراراً طلقاء وقلنا لهم هؤولاء أحرار وراء السدود. ولا احتمال ثاني لهم غير أنهم سيعودون حاملين مشاعل الأمل، وهم دائما على يقين بأنّ فرج الله قريب.

الإختفاء القسري في إرتريا

إعتقالات ٢٤ ديسمبر ١٩٩٤م

Top
X

Right Click

No Right Click