النضال السلمي الرائد لحزب الرابطة الإسلامية في أربعينيات القرن الماضي - الحلقة السادسة والأخيرة
بقلم الأستاذ: محمد نور فايد - ملبورن، استراليا المصدر: عونا
بسم الله الرحمن الرحيم
و منه العون و التسديد ونحمده حمداً كما ينبغي لكرم وجهه وعِز جلاله ثم اما بعد
اعزائي القراء الكرام:
أقدم اليكم ايها الاعزاء الحلقة السادسة من سلسلة: من ذكريات عن النضال السلمي الرائد لحزب الرابطة الاسلامية في اربعينات القرن الماضي. و هذه الحلقة هي الاخيرة و مواصلة للحلقة الخامسة كما ارجو من الله أن تنال إعجابكم إن شاء الله و نساله أن اكون غير مقصر في كتابة هذا الحلقات وتجميعها وما في تحتويه من معلومات تاريخية هامة ذات الاهداف المتعددة.
عودة وفود الاحزاب الي وطنهم:
في يونيو 1949 عادت مناديب الاحزاب الارترية الي ارض الوطن وبعد اسبوع من عودتها عقدت قيادة حزب الرابطة اجتماع عام للجماهير في مدينة كرن لتنويرهم بانجازات وفد الرابطة. هنئت الرابطة المناديب بنجاحهم وكسبهم لمواقف وتأييد بعض الدول من اجل تقرير المصير لشعبنا البطل ومن اجل حريتة واستنقلاله واستنكارهم لموقف الحكومة البريطانية لمعارضتها لمطلب الشعب الارتري. كما رحبت الجماهير بتوجيهات ومناشدة القيادة لوحدة الصف الوطني.
تأسيس حزب الكتلة الاستقلالية:
في 19 يوليو 1949 بمدينة دقمحري وفي لحظة تاريخية هامة اجتمعت الاحزاب التالية: حزب الرابطةالاسلامية، حزب الأحرار والتقدم، حزب إرتريا الجديدة، جمعية قدماء العساكر المحاربين الإرتريين، جمعية الإيطاليين الإرتريين (حزب بروايتالية)، الحزب الوطنى و حزب إرتريا المستقلة واسسو حزب جديد باسم الكتلة الاستقلالية. وكانت الكتلة الاستقلالية جامعة وشاملة فى تركيبتها للمكونات الثقافية، الاجتماعية والدينية للشعب الارترى. كما كانت أهدافها نموذجا للجبهة الوطنية العريضة التى تستند الى برنامج الحد الادنى مع أحتفاظ كل حزب باستقلاليته التنظيمية. فكان هذا التجمع السياسي انجازا و ابداعا إرتريا صرفا من حيث الفكرة والتنظيم والقيادة والاخراج. ففي تلك الحقبة لم يكن على مستوى القارة السمراء اي تحالفات سياسية عريضة تجمع مكونا ت الشعب من أجل المطالبة بالحرية والاستقلال كما حدث فى إرتريا. ولهذا يعتبر التجمع السياسي للكتلة الاستقلالية الارترية سبق تاريخى للارتريين و يدل على وعيهم ونضجهم السياسي المبكر. كما يدل التجمع السياسي للكتلة الاستقلالية علي فهم الشعب الارتري العميق للتحديات الإقليمية والدولية التى واجهته في تلك الفترة. كما انتخب السيد ابراهيم سلطان كناطق رسمي للحزب. وبعد اشهر اسسو جريدة باسم الوحدة باللغتين العربية والتجرنية. والجدير بالذكر انه في الصفحة الاولي للجريدة كانت توجد بها صورة لشخصين يتصافحان بايديهما كرمز لوحدة المسلمين والمسيحين، حيث كان احد الشخصين مسلم والاخر مسيحي ويظهر المسلم ا في الصورة بالزي التقليدي لاهالي المنخفضات الغربية والشرقية الارترية. كما يلبس المسيحي الزي التقليدي لشعب المرتفعات الارترية.
ظهورانسحابات وانشقاقات في الحزب:
منذ تاسيس الحزب في 19 يوليو 1949 وحتي اكتوبر من نفس العام كان الحزب ينمو ويزدهر ويسير علي قدم وساق من حيث التوسع والتطور في عضويته وبرامجه واهدافه. حتي ان الاعضاء الذين انسحبوا من حزب الرابطة كأمثال السيد بكري الميرغني (رئيس الرابطة بكرن سابقا) انضموا في الحزب الجديد حيث بلغ تعداد اعضاء الحزب 70% علي مستوي الوطن. كما كانت العضوية من كل الاقاليم الارترية عدا اقليمي حماسين وسراي اللذان يتواجدان فيهما اعداد كثيرة من حزب الاندنت. ادي توسع عضوية حزب الكتلة الاستقلالية لتقلص عضوية الاندنت فسارعت اثيوبيا لانقاذ حزبها بمده بالاموال الهائلة. فكان اعضاء الاندنت يقومون باغراءات كبيرة لاعضاء الكتله الاستقلالية من حيث المال و فتح فرص العمل والتشغيل. وكمثال لتلك الاغراءات ماتم في مدينة حرقيقو للسيد صالح احمد كيكيا رجل الاعمال الارتري المشهور حيث قدمو له الاموال والمساعدات وتم فتح مدرسته والتي كانت مغلقة منذ عام 1947م والتي كان مديرها السيد المناضل والشهيد عثمان صالح سبي. انسحب السيد صالح احمد كيكيا من حزب الكتلة الاستقلالية ولكنه لم يجمد نشاطة مع حزب الرابطة فكان يلتقي مع قيادات حزب الرابطة سرا ولم تدينه قيادة الرابطة من انسحابه من حزب الكتلة كما ادانت المحامي محمد عمر قاضي والذي شطبت عضويته من حزب الرابطة. كذلك انسحب السيد علي راداي من حزب الكتلة واصبح رئيس حزب التقسيم للمنخفضات الغربية والشرقية المدعوم من الادارة البريطانية وكان السيد علي راداي ينادي بضم الاقليم الارترية الي السودان.
ومن الدوافع والاسباب الرئيسية لانسحاب بعض الاعضاء من حزب الكتلة هي عدم رضاهم لعضوية ومشاركة حزب بروايتالية في التحالف السياسي الارتري (حزب الكتلة الاستقلالية) وذلك لخشيتهم من عودة ايطاليا الي ارتريا. كما اتهم السيد ابراهيم سلطان بالتواطؤ والتحالف مع الايطاليين وحاولوا تشويه سمعته الوطنية العريقة نتيجة لقائه مع الوفد الحكومي الايطالي في نيكسيس بالولايات المتحدة الامريكية حيث نفي السيد ابراهيم سلطان هذه التهمة النكراء و التي لاتليق بهذا المناضل الكبير.
مجئ وفد الامم المتحدة لارتريا:
في التاسع من فبراير 1950 م وصل وفد الامم المتحدة الي ارتريا وكان الوفد يتكون من خمس دول هي باكستان، قوانتيمالا، بورما النرويج، وجنوب افريقيا حيث مكث الوفد لمدة اربعة اشهر في ارتريا. اخذ الوفد يتجول ويلتقي مع الجماهير المجتمعية في القري والمدن الارترية ويستمع ويسجل ارائها واسالتها ومطالبها المختلفة. كانت الغالبية تطالب بالحرية والاستقلال وكان هناك البعض يطالب بالوحدة مع اثيوبيا. وبالرغم ان من ان معظم الجماهير كانت تطالب بتقرير المصير والاستقلال الا ان اعضاء الوفد رفعوا تقارير مختلفة للامم المتحدة. فمناديب جنوب افريقيا وبورما رفعوا تقاريرهم والتي تنادي بضم ارتريا لاثيوبيا. واما النرويج كان تقريرها ينادي بالنظام الفدرالي لارتريا. واخيرا الباكستان وقونتيمالا كان تقريرهم ينادي بتقرير المصير والحرية والاستقلال لارتريا. الا ان الجمعية العامة للامم المتحدة تبنت في الثاني من ديسمبر 1950 القرار رقم 390/أ/5 والذي ينادي بضم إرتريا في أتحاد فيدرالي مع إثيوبيا وتم تنفيذ هذا القرار المشئوم في الخامس من سبتمبر عام 1950 تحت إشراف مندوب الأمم المتحدة الدكتور/ إنزي ماتينزو.
والسلام عليكم ورحمة الله.