ماذا يحدث في شرق السودان بين التنافس القبلي انعدام حساسية المركز والتدخل الإقليمي - الجزء الثالث والأخير

بقلم الأستاذ: ياسين محمد عبدالله - باحث وكاتب صحفي

بعض سبل مواجهات التحديات في الإقليم: تناولت في الجزأين الأول والثاني من مقالي هذا خلفية التوترات

شرق السودان

في شرق السودان وكيف فاقمت التصورات الخاطئة تاريخياً وقانونياً عن البني عامر والحباب من تلك التوترات ، طريقة تعاطي السلطات معها ومحاولة نظام أسياس استغلالها. سأحاول أن أقدم هنا تصوري للكيفية التي يمكن أن تعالج بها هذه التوترات ومنع تحولها لصراعات يمكن أن تودي باستقرار الشرق والسودان ككل أو تمنع تحقيق المرحلة الانتقالية أهدافها في السلام والتحول الديمقراطي.

من المفارقات أن يشهد شرق السودان توترات قبلية في الوقت الذي تتجه فيه البلاد نحو السلام. يمكن تفهم التوترات المتعلقة بمسار عملية السلام واستحقاقاتها لكن أغلب التوترات التي شهدها الشرق مؤخراً لها خلفيات وأسباب سبق عملية السلام ولا يتعلق كله بها إنما يرتبط بتنافس قبلي قديم أججته التصورات والمعالجات الخاطئة والتدخل الخارجي.

يمر السودان الآن بمفترق طرق. إما أن يتحول إلى دولة مستقرة بنظام ديمقراطي أو يقع تحت نير ديكتاتورية من نوع أخر ويدخل مرحلة جديدة من عدم الاستقرار. نجاح المرحلة الانتقالية في السودان يتوقف على عدة عوامل منها ما هو محلي ومنها ما هو خارجي. ويبدو الوضع في شرق السودان بأبعاده المختلفة الآن أكثر العوامل التي يمكن أن تؤثر على مسار عملية التحول الديمقراطي والاستقرار في السودان.

المعالجات المستندة إلى التقاليد القبلية للتوترات في شرق السودان مهمة لتهدئة الخواطر لكنها لا توجد حلاً دائماً يحافظ على الاستقرار ويمنع الاختراق الخارجي. لابد من إيجاد حلول من قبل السلطتين المحلية والمركزية وبمساهمة المجتمع المدني.

أقدم فيما يلي مقترحات وتصورات قد تساعد على إيجاد حلول للتوترات التي شهدها شرق السودان واضعاً في الاعتبار خلفيتها ، سياقها المحلي وانعكاسات دور المركز والدور الإقليمي على مساراتها.

العمل على تصحيح المفاهيم الخاطئة للمواطنة والتأكيد على المساواة بين المواطنين وعلى حكم القانون. هذه المهمة مناطة بالسلطتين المحلية والمركزية وهما تمتلكان العديد من الأدوات والطرق لتحقيق ذلك بدءاً من نشر الوعي بين السكان المحليين وعدم الانجرار والاستجابة والخضوع للابتزاز الجماعي والفردي إلى تطبيق القانون بشكل حازم ومباشر. هذا الدور هو الأهم في منع أي تدهور في علاقات مكونات الإقليم ومنع الخارج من استغلالها.

• عقد مؤتمر للتعايش السلمي باشراك الإدارات الأهلية ، الشباب ، المستنيرين من أبناء الإقليم ، السياسيين والأكاديميين يناقش خلفيات تلك التوترات ويضع توصيات للجهات المعنية.

• قيام منظمات مجتمع مدني في الإقليم تضم مختلف المكونات وتعني بالترويج للتعايش السلمي بينها باستخدام الوسائل التي تسهل هذا التعايش مثل الغناء ، الرياضة والتعريف بتراث المجموعات التي تعيش في الإقليم وإبراز ما هو مشترك بينها.

• إشراك أبناء الإقليم من شباب الثورة في الإدارات المحلية. وقد رأينا مواقف مشرفة لهؤلاء الشباب خصوصاً؛ عندما حدثت بعض المشاكل بين البين عامر والحباب من جانب والنوبة من جانب آخر ، حيث أصدرت مجموعات من أبناء هذه القبائل بيانات مشتركة أكدت فيها على وحدتها وتمسكها بالتعايش السلمي.

• إشراك كل مكونات الإقليم القبلية في مفاوضات السلام مثل الشكرية وغيرهم.

• استصحاب اتفاقية شرق السودان (2006) في محادثات السلام ، فتجاهل هذه الاتفاقية يمكن أن يفاقم التوترات بين المكونات القبلية في الإقليم.

• أن تطلب الحكومة السودانية مباشرة من النظام الإريتري ألا يتدخل في شرق السودان وفي شؤون البلاد ككل. يفتقر تدخل النظام الإريتري في شرق السودان للمبرر الأخلاقي والقانوني. أخلاقياً ، النظام الإريتري يضطهد البجة في إريتريا ويمنع عنهم كل حقوقهم ، كما يفعل مع بقية قطاعات الشعب الإريتري ، فمن باب أولى - لو كان يريد إنصافهم - أن يفعل ذلك أولاً في إريتريا. قانونياً شرق السودان جزء من السودان ولا تمتلك أية دولة الحق في التدخل في شؤونه الداخلية.

• تنبيه دول الإقليم لمخاطر التدخلات الخارجية فيما يجري في شرق السودان على استقراره واستقرار المنطقة.

شعور فئة من مواطني أي بلد بأنها مستهدفة من قبل الدولة يمكن أن يجعلها تبحث عن خيارات وسند من خارج تلك الدولة ولدينا في التاريخ السوداني الحديث العديد من الشواهد على ذلك. كما أن الوحدة الوطنية هي المكون الأهم في منظومة الأمن القومي لأي بلد. وما السعي من أجل تحقيق السلام وإعطائه الأولوية على ما غيره من المهام إلا لأنه شرط لترسيخ الوحدة الوطنية ، لضمان الاستقرار ونجاح الانتقال إلى الديمقراطية.

في وضعه الحالي ، يمثل الشرق ثغرة يمكن أن يُؤتى منها استقرار السودان ويستهدف منها سعيه من أجل بناء نظام ديمقراطي.

Top
X

Right Click

No Right Click