حوار مع الفنان القامة حامد عبدالله فنان إرتريا والسودان بالعاصمة أسمرا

بقلم الأستاذمحمود عبدالله أبو كفاح - إعلامي وكاتب ارتري

حوار مع الفنان القامة حامد عبدالله فنان إرتريا والسودان بالعاصمة أسمرا

خلال مشاركته في أعياد البلاد بذكرى الإستقلال عام 2016م.

• دور الفن في الثورة الإرترية كان كبيراً للغاية لاسيما الأغاني التي كانت تبث الحماس في النفوس وتدعو للثبات على المبدأ.

• معظم اغنياتي تركز على تمجيد الفروسية والحماسة وجمال البادية، وآلة الربابة "المسنقو" هي آلتي المفضلة في الغناء.

زار البلاد خلال احتفالها باليوبيل الفضي للإستقلال المجيد الفنان الكبير حامد عبدالله على رأس فرقة حايوت الفنية القادمة من السودان للمشاركة في فعاليات الاستقلال، والتي قدمت عروضاً غنائية رائعة في كل من مسرح سينما أسمرا وسيتي بارك بشارح الحرية، حيث تفاعل الجمهور مع أغاني الفنان الكبير حامد عبدالله ورقصات وانغام اعضاء الفرقة بشكل منقطع النظير، لاسيما وان الزيارة جاءت في الوقت المناسب.

للتعرف علي الفنان حامد عبدالله "فنان لغة التقراييت بكل من السودان وإرتريا" عن قرب كنا قد أجرينا معه اللقاء التالي فإلى مضابط الحوار:

انا من مواليد طوكر ولكن موطن عائلتي هو منطقة حطاط إيليت "بلتوبياي" فالعائلة كانت تتنقل بين ضفتي الحدود بين السودان وإرتريا طلباً للماء والكلاء لقطعانها الوفيرة من الماشية حيث لم يكن للحدود اي معني في تلك الآونة لاسيما وان شعب تلك المناطق شعب واحد، وبعد اشتداد جرائم العدو الاثيوبي ضد الشعب الإرتري الأعزل وشروعه في إحراق القرى والمدن وارتكاب المذابح انتقلت العائلة من بلتوبياي الى السودان واستقر بها المقام في منطقة اللفة الحدودية، وعليه فقد عشت طفولتي متنقلاً بين اللفة وأبو قمل وكسلا، وبخصوص دخولي الى عالم الفن فإنني ومنذ طفولتي كنت مغرماً بالغناء إلا ان معظم الاغاني التي يستمع اليها الجمهور حتى هذه اللحظة قمت بإنتاجها في منطقة اللفة حيث كنت احيي الحفلات الغنائية في مناسبات الأفراح، وعندما حضر الرئيس جعفر محمد نميرى الى كسلا عقب إستلامه للسلطة في السودان، قام بعض الأخوة الذين كانوا يعلمون بإمكانياتي الفنية، بإحضاري من منطقة أبو قمل التي كنت ازاول فيها حرفة الرعي بعربة خاصة للمشاركة في احتفال استقبال الرئيس نميرى الذي كان برفقته في تلك الجولة الرئيس جمال عبدالناصر ومعمر القذافي وذلك في شهر مايو من العام 1969م، وفي المساء غنيت مع الفنانين الذين حضروا المناسبة اغنية "بلم بيلا لبرق" وحينها نزل الحضور من اللواري والبصات بسيوفهم وعصيهم وحرابهم وهم يبشرون لي اعجاباً بالأغنية بينما اندهش المسؤولين آنذاك واصبحوا يقولون ماذا يقول هذا الشبل الصغير حتى تتفاعل معه الجماهير بتلك الصورة، حيث كان عمري لايتجاوز في تلك الفترة 16 عاماً.

ماهي الاسباب التي دفعتك للولوج الى عالم الغناء؟

صحيح انني كنت منذ صغري مولعاً بالغناء الا ان السبب الرئيسي في ولوجي عالم الفن هو موت اخي وابن عمي اللذان توفيا اثر حادث لوري انقلب بهم وهم في طريقهم الى إرتريا من السودان للإطلاع على أحوال الاهالي في بلتوبياي وذلك عند سماعهم قيام العدو الأثيوبي بإرتكاب مجزرة عد إبرهيم ومن ثم إحراق منطقة بلتوبياي والتنكيل بسكانها فقد تأثرت كثيراً بوفاتهما مما دفعني ذلك إلى رثاءهم عبر إغنياتي ومن ثم الدخول الى هذا المجال والمواصلة فيه ليصبح الغناء بعد ذلك جزءاً من حياتي.

ما نوع الاغاني التي تنال الجزء الاكبر من اهتمام الفنان الكبير حامد عبدالله؟

اركز في الغناء على الاغاني المتعلقة بالفروسية والحماسة وحب الوطن والشهداء وكذا الاغاني الخاصة بالبادية ووصف البهائم وجمال المراعي وبعضاً من الاغاني الغرامية.

الفنان حامد عبدالله يقال بأنك أدخلت في ثقافة التقرى العديد من الأمثال الرصينة والقوية ماذا تقول في هذا الكلام؟

بالفعل هنالك العديد من العبارات التي استخدمتها في أغنياتي وهذه العبارات حولها الناس مع مرور الزمن الى امثال ظلوا يتداولونها الى يومنا هذا وفي اعتقادي ان تلك العبارات هي التي ساعدت في إقتناء الناس لأغنياتي والاستماع اليها، ولا ابالغ اذا قلت بان اغنياتي منتشرة في كل من السودان وإرتريا حيث لاتوجد منطقة تخلو من اشرطتى الغنائية او الذواكر المعبئة بأغنياتي القديمة والجديدة.

متى تصيغ أشعار اغانيك وتختار الألحان لها؟

المناسبات هي التي تدفعني لقول الشعر سواء كانت مناسبات وطنية او إجتماعية كالزواج او غيره كما ان موسم الخريف من المواسم التي تستهويني وتدفعني لنظم الأشعار وتلحينها، على سبيل المثال عندما عبرنا مدينة تسني في طريقنا الى اسمرا لحضور الإحتفال باليوبيل الفضي للإستقلال نظمت ونحن في الطريق شعراً وطنياً لجيشنا الشعبي الذي انجز الإستقلال وحمى السيادة الوطنية، ولحنت ذلك الشعر في هيئة اغنية قدمتها ضمن الاغنيات التي شاركنا بها في الأمسيات الغنائية التي احييناها بسينما روما وسيتي بارك في شارع الحرية بأسمرا ،ومن ضمن المقاطع الشعرية لهذه لأغنية:

ديشنا فراس درار قابات... اندى سكوو اي تكللو غابات
جليب وطن أسات أتو وهابات
منديرتنا سقلت إب دم وعلال
إب دم شهيد رأينا إستقلال
حفن حلفت نضال مرير
خضرا يوم دهب لبست وحرير

وبالمناسبة فإننا عندما كنا نعبر منطقة بلتوبياي في طريقنا الى أسمرا تذكرت ايام طفولتي وتراءت لي تلك المراعي والوديان والسهول التي كنا نتجول فيها بمواشينا مع أقراني وكذا الألعاب التي كنا نلعبها بشكل جماعي ونحن صغار، فبكل صراحة كانت أيام جميلة للغاية و من الصعب على المرء نسيانها مهما طال الزمن.

الفنان حامد عبدالله كان يحمل هموم الثورة الإرترية في العديد من أغنياته، هلا ذكرت للقارئ الكريم بعضاً من ذكرياتك في هذا المجال؟

عندما كنت صغيراً في منطقة اللفة، كانت تصلنا اصوات المدافع والقنابل واصوات الذخيرة التي تطلق حول مدينة تسني التي كانت تحاول قوات جبهة التحرير السيطرة عليها آنذاك، واتذكر انني كنت اطوف حول بيتنا كلما زادت حدة اصوات الأسلحة وانا مهموم بما يحدث في تلك البقعة العزيزة وكلي أمل في ان تكلل تلك المعارك بإنتصار الثوار، وقبل التحرير اتذكر انني كنت مداوماً على حضور احتفالات الجبهة الشعبية في الأراضي المحررة حيث حضرت ستة احتفالات كالإحتفال الذي نظم في تسني ادوبحا عريرب وغيرها. ليس هذا فحسب فقد كنت اتفاعل مع كل التطورات التي كانت تمر بها الثورة وكنت انظم الشعر واغني الأغاني بعيداً عن الإنحياز لأنني كنت وسأظل اعتبر نفسي فناناً قومياً أي ملكاً للجميع.

الفنان حامد عبدالله، أي الأغاني تعجبك من اغاني لغة التقرى؟

تعجبني أغاني الفنان إدريس محمد علي والفنان ابراهيم محمد علي قورت ومن الشعراء يعجبني الشاعر ود جعيف ومن الإذاعيين يعجبني صوت الأستاذين موسى مندر وسليمان عبى.

هنالك الحان معروفة في أغاني التقراييت، اي الألحان التي تميل اليها أكثر؟

من الالحان التي تجذبني اكثر هو لحن روزان الذي اخترعه ود مسمر حيث غنيت على هذا اللحن الكثير من الاغاني التي لاتحصى ولاتعد كما غنى بهذا اللحن الفنان المرحوم موسى صلاح وكذا ود دواي وآدم محمود وفايد بلال، كما اميل الى الحان "هوليلي" التي تعتبر من الألحان القديمة والمحببة في أغاني التقرى.

الفنان حامد عبدالله علمنا انك تجيد العزف على آلة الربابة "المسنقو" كيف اكتسبت هذه المهارة والى اي مدي تستخدمها في أغانيك؟

منذ صغري كنت مولعاً بالربابة ولحبي الشديد لها ورغبتي العارمة في تعلمها استطعت ان اكتسب مهارة العزف عليها خاصة فيما يتعلق بضبط اوتارها وتجهيزها للعازفين، ولكن في الوقت الحاضر فإنني لم اعد اعزف على الربابة حيث يوجد لدي عازفين مهرة يجيدون عزف الربابة بشكل جيد كالعازف عباس حامد محمد الذي رافقني في زيارتي الى اسمرا، فضلاً عن الأخ حامد ادريس علي بخيب، عبدالقادر محمد دياب، وبالرغم من انني اميل الى استخدام الربابة في اغنياتي الا انني اغني احياناً على انغام الآلات الحديثة كآلة الاورغن والقيتار والجاز.

الفنان حامد عبدالله كيف تقيم دور الفن في إنجاز استقلال إرتريا من قبضة المستعمر الأثيوبي؟

دور الفنون الإرترية في الثورة الإرترية لايستهان به لاسيما الأغاني التي كانت تبث الحماس في قلوب المناضلين وكافة افراد الشعب وتدفعهم للثبات على المبدأ ومقارعة العدو الأثيوبي حتى تحقيق الحرية وانجاز الإستقلال واتذكر انني غنيت الكثير من اجل الثورة والبطولات التي صاحبتها في تلك الفترة ومن ضمن المقاطع التي كنت ارددها في اغنياتي اذكر الآتي:

عديداينا حودتو لاكين حفونتو ردودنا... حنا وانتم وعقامي جبل موساتو لحدودنا امعلا سنبت لظلام اي تترسعا لأكبودنا
جيشنا شعبي لفراس جارمووا لأقلوبو... إب زلط دروا منقستو لادوقوا... إت لفة حديو ديشكا درقي جلودوا

وبعد التحرير ايضاً قمت بغناء العديد من الاغاني الوطنية وأذكر بعض مقاطعها على سبيل المثال:

قائدوم ربرب جونن كبدت حيت بالع إقل اوروا اي دنن... فجر لأسات إي لرأى لالي سكاب اي ونن... حمس مدقا لحايي كإتا كبدا شنن
حيت ثابت إيمانو عنصرية إي شقا وإي كافلا ادامو... مسيحيهو واسلامو حتى قنحيو لأدامو... اسك اسمرا اي أتا مدول فتحا حزامو
قيادة ثبتت كبدا ملئت من ايمان... اسك اسمرا اي اتا مدول كرا من ميدان
شاباي وانا قولو... حلاي نفعت من بو لحيت لأستاهلو... قطوب لمطأكا دبر إنتا دكولو... سفلول عدو آتيكا وعيطات قبأكا إقيل كولو.

الفنان حامد عبدالله بإعتبارك احد الفنانين الكبار ماهي النصائح التي تقدمها للفنانين الشباب؟

ادعو الفنانيين الشباب الى الوحدة والتماسك اينما وجدوا، لان ذلك سيساعدهم في الاستفادة من تجارب بعضهم البعض والإرتقاء بإنتاجهم الفني بحيث يلبوا رغبات مستمعيهم والمعجبين بهم.

الفنان حامد عبدالله كما اسلفنا حضرت من كسلا على رأس فرقة حايوت الفنية لمشاركة الشعب الإرتري احتفالاته باليوبيل الفضي للإستقلال ماذا تود ان تقول بهذه المناسبة؟

اهنئي الشعب الإرتري في الداخل والخارج بمناسبة اليوبيل الفضي للإستقلال وادعوهم للتمسك بالوحدة الوطنية التي كانت سر انتصارنا على العدو الأثيوبي، واتمنى لهذا الوطن الذي نفخر به دوماً المزيد من التقدم والإزدهار.

Top
X

Right Click

No Right Click