الحِراك الإجتماعى بين التطلعات والواقع

بقلم الأستاذ: محمد رمضان - كاتب ارترى

(1) إن التركيبة السُكانية فى كل بلد تعكس حالة التعايش والإستقرار أوعدمه وذلك بناءاً على مُعطيات

العصيان المدني والمظاهرات السلمية

النسيج الإجتماعى وعلاقاته البينية وإنصهاره وتقديره وإحترامه لبعضه البعض، عليه فإن الشعب الإرترى رغم بعض حالات الصُراع بسبب المصالح وتدخلات الإستعمار لكن ظل التعايش سيد الموقف فلم تعرف إرتريا صُراعاً إجتماعياً بين أى قومية أو قبيلة وصل لحالة الحرب المكشوفة وعلى النقيض من ذلك كانت روح التكافل والتعاون والتعاضد حاضرة حتى بين المسيحيين والمسلمين فضلاً عن المسلمين.

(2) التقسيم السُكانى فى ارتريا مُقسم بناءاً على عوامل مُتعددة منها اللغة والجغرافية والعادات والتقاليد والتُراث وعليه صار من الثوابت المُتعارف عليها وجود تسعة مجموعات سُكانية فى إرتريا وقد تم إقرار ذلك فى المؤتمر الأول لجبهة التحرير الإرترية فى العام 1971م وهذا يعنى بوضوح بأن فكرة تقسيم القوميات قديمة قبل إستقلال ارتريا عام 1993م عن إثيوبيا ووفقاً لذلك تم منح مستندات الجنسية للمواطنين على أساس القوميات التسع ولايزال ذلك هو التقسيم الرسمى القانونى المعمُول به لدى الجهات الرسمية بالدولة والمُعترف به لدى المُنظمات الدولية مايعنى أن هذا التقسيم هو الذي ينبغى التعامل به حتى يتم تغيير المنظومة إذا رغِب الشعب الإرترى ذلك فى ظل دولة القانون وكل المطالب الأجتماعية يجب أن تؤجل لحين قيام دولة المواطنة.

(3) وبما أن التطور الإجتماعى هى حركة طبيعية فمن المتوقع جداً أن تكون للبعض ملاحظات أو رفض للتقسيم القومى الموجود للشعب الإرترى وإقامة قوميات جديدة على ما هو موجود وهو حق مشروع لكل مواطن لكنه أيضاً محكوم بمعايير وقواعد وليس وفِقاً للرغبات، شخصياً أحترم القبائل والمجموعات المُطالبة بذلك ولكن ذهابهم والقول بأن التقسيم الموجود صنيعة النظام يخصم من رصيد تلك المطالب ويفقدهم التعاطف لأنه ليس من المنطق رفض القوميات التاريخية لإقامة قوميات جديدة وهو ماسيجد رفضاً واسعاً ممن يؤمنون بمنظومة القوميات التاريخية ويفضلونها كخيار وحدوى فى إطار ثقافى بل ويذهب كثيرون أن منظومة القوميات إستحقاق حضارى وتاريخى طبيعى للمكونات الإجتماعية يجب المحافظة عليه وأن المساس به يرونه تعدياً على تلك الإستحقاقات.

(4) إن واقع الشعب الإرترى وحالته تستدعى تأجيل تلك التطلعات والرغبات لأن مكان تحققها هو ارتريا وليست المنافى ومنصات التواصل الإجتماعى وعائد هذا العمل هو بث الكراهية وإهدار للجُهود عن التغيير وإلهاء المعارضين للنظام عن قضيتهم الأساسية لبناء دولة القانون التى تحقق العدالة للجميع، ثم أن الظاهرة لم تتوقف فى الرغبات والتطلعات بل وصلت لتشويه القوميات وبعض القبائل بل ونفى وجود قوميات تاريخية ذات الحضارة عريقة كالساهو على سبيل المِثال من أجل تحقيق أهداف خاصة وهو ما استنكرته ورفضته وطالبت عبر الكتابة بالكف عن ذلك لأنه يُخالف المنطق والعقل والإتزان فأنهالت على بعض الأقلام المدفوعة تشويهاً وقدحاً لدرجة وصفى بالعمالة للنظام ولكن كل ذلك لايهم فالقناعات والمبادىء لن تتغير أو تتبدل بكتابة مجهول أو موتور ومدفوع ورغم ذلك سأظل فى خندق الدفاع عن حُقوق الشعب الإرترى وقضاياه العادلة وصيانة مكتسباته.

(5) التشويه الُمتعمد للقبائل التى تنتمى لقومية الساهو ومحاولة الوقيعة بينها بقصد التشتيت أصبح منهجاً وسلوكاً راتباً لدى البعض وهو ما يعكس حجم التآمر العميق لغايات متعددة أولها إضعاف وحدة الشعب الإرترى ونسيجه المترابط وإضعاف مسيرة النضال من أجل التغيير وهو أسلوبُ غير سليم يميل إلى تبسيط تحقيق تلك الغايات التى تفتقد إلى الواقعية فمنذ متى ُتقام الصُروح للمجتمعات بعيداً عن التراضى والتوافق لمن يسكن بلدا واحدا ومنطقة جغرافية واحدة تربطها عوامل مشتركة ومصير مشترك من المصالح.

(6) إن الذين دبجوا المقالات وبثوا اللايفات للإساءة والنيل من شخصي حتي تخلوا لهم الساحة وحدهم فقد خاب ظنهم فرغم المِداد المسكوب ذماً وتشويهاً فلن أُجارى السُفهاء والجهلة ولن تنكسر عزيمتى وتضعف إرادتى ولن يغير ما تم فى قناعاتي الشخصية والمبادىء التى أؤمن بها وطريقتى فى التعبير والكتابة ولطالما الموضوع هو ارتريا فبكل تأكيد سيكون لى سهماً فيه بالرأى والكلمة والعمل ولن أحتاج لذلك ضوءاً أخضر من أحد ولن أكترث بما يُقال ولن يثنينى عن ذلك حائل وهو عهد باق وغرس مُتوارث وأن الدفاع عن قضايا شعبى ومطالبه ومكتسباته هدف متصل لن يتوقف.

(7) إن القوميات الإرترية جميعها والقبائل الإرترية بمُختلف مُسمياتها هي موضع إكبار وإجلال وإحترام ولم أكتب يوماً حرفاً ضد قبيلة ٍأو قومية رغم إعتزازى الكامل بإنتمائي الخاص وأرفض بالكامل حشر القبائل فى خلافاتنا السياسية في شبكات التواصل الإجتماعى وكيل السُباب والشتم لها وهو سُلوك ينشر الكراهية ويُهدد السِلم الإجتماعى بين المُكونات الإجتماعية ويُخلف إرثاً سيئاً للأجيال القادمة مما يستوجب رفضه من الجميع ومحاربته بصورة جماعية والسُكوت عليها يعنى فتح ثغرة للنظام المُستبد لإستغلال ذلك لصالحه وتفتيت للوحدة الوطنية فهل أدركنا حجم خطورة مايتم.

للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

التعليقات  

اسماعيل صالح
#اسماعيل صالح2019-09-27 23:30

إلغاء نظام القَوْميّات فى أرتريا

بقلم: محمد رمضان

(1) إن العمل على تَمْتِين النسيج الإجتماعى وتَوْطيدالأواصر بين المُجتمعات يُعتبر من أقدس الأهداف وأرفعها بل وأكثرها حياةً، وعلى النُخب أن يكونهَمَّها الشاغل وتخطيطها الدائم هو المُحافظة على لُحمة المجتمعات وربط نسيجها لتحقيق مصالحه وتحقيق تطلعاته فى التطوير والتنمية وصيانة الحُقوق والخروج بالمُجتمعات من دائرة التَقَوْقُع إلى مصاف الشعوب الناهضة.

(2) تقسيم المُجتمعات تحت بندْ القوميات والذى يرتكز على اللغة أو اللهجة التى يتحدث بها كل مُكون والجامع الثقافى والتقاليد التى تجمع مجموعة سُكانية مُحددة فى منطقة مُعينة هى الرؤية التى بُنيت عليها فكرة تقسيم المُجتمع الإرترى إلى قوميات وتعريف مصطلح القومية هو: الصلة الإجتماعية العاطفية التى تنشأ من الاشتراك في الوطن والجنس واللُّغة والمنافع وقد تنْتهي بالتضامن والتعاون إلى الوحدة، كما تعنى أيضا مجتمع طبيعى من البشر يرتبط ببعضه البعض بوحدة الأرض و العادات و اللغة من جراء الاشتراك في الحياة و في الشعور الاجتماعي وجغرافية مشتركة ومصير مشترك و مصلحة إقتصادية مشتركة وثقافة مشتركة وسماتمشتركة.

(3) التقسيم على أساس التعريف أعلاه لم يُرضى بعضاً من المواطنين وبغَضِّ النَّظرعن وجاهة مطلبهم أو عدمه، لكنه ليس من العدل أيضاً فرض التسميات على المواطنين بالقوة مهما كانت الأسباب والدوافع والحيثيات، كما أنه ليس من المُمكن كذلك تَدشينقومية لكل من يطلبها لأن ذلك سيفتحُ باباً لايُغلق حيث ستُقوم كل عشيرة وقبيلة بطلب تَدشين قومية بإسمها، لهذا فإني أرى من الأوجب إلغاء نظام القوميات رسمياً بالدولة والاِستَعادةعنها بنظام الإدارة الأهلية وفق سَن قوانين تُنظم علاقة المُجتمعات ببعضها من ناحية وتُحافظ على هُوية السُكان من ناحيةٍ أخرى وفق قواعد العُرف والقانون على أن يتم ذلك وفق رؤية تُناسب المُكونات الأرترية وتنطلق من واقعه الحالى.

(4) التقسيم القومى خلف صُراعات عَقِيمة فى مواضيع إنصرافية لاتتناسب وعصر التكتّلات والبحث عن المُشتركات وتسخيرها لتحقيق مصالح المُجتمعات،فأسماء القوميات مع إحِترامنا لها ليست مُقدسة خاصة وأنها خَلقت حواجز إجتماعية ونفسية كَبَحَت رُوح العمل الجماعى المُوحد بين مجموعات سُكانية تشترك فى العادات والتقاليد وترتبط تاريخياً ببعضها فضلاً عن المصير الواحد، فالسلبيات إذاً فى الحالة الأرترية للتقسيم على أساس قومى أكبر بكثير من إيجابياته لهذا وجَب التفكيربتَجَرُّدلإنهاء المُشكلة بُرمتها والتفُرغ للنُهوض بالمجتمعات لتعرف موقعها من إعِراب المُستقبل!

(5) الطرح لايعنى قطعاً إنهاء القوميات أو طمساًلموروثاتها أو خصماً على العادات والتقاليد والثقافات أو إستهانة بالإرث أو تذويباً لكياناتها أوخصماً على مصالحها أو رؤيةٍ سياسية ذات غرض، إنه طرح للتسامى عن الصغائر للوصول إلى غاياتٍ كُبرى تتحقق فيه مصالح المُجتمعات، وليس من أهداف الطرح إنهاء ما هو موجود ومُتوارث لكنه طرح يعتمد على وقف التعاملات الرسمية بنظام القوميات فى الدولة على أن تكون المُواطنة معياراً للتعامل، أعلم جيداً بأن الطرح قد لايُعجب الكثيرين ولكن ماذا يُفيدنا التمسك والإبقاء على أسماء قوميات أضحت سبباً فى تمزيق وحدة قبائلنا وأضاعت بذلك حُقوقنا لهذا فمن المُهم جداً منح مجتمعاتنا فُرصاً للنُهوض والتفكير فى وحدة ٍعملية تقوم على المصلحة.

(6) النظام الحاكم أستخدم التقسيم بمهارة للتفريق بين المجتمعات للتحكم فى الشعب الإرترى وهذا قطعاً لايعنى أن المشكلة جاءت مع النظام ولكن دور الدولة هو القضاء على مثل هذه الإشكالات البسيطةولكن النظام الذى يحكم أرتريا لرُبع قرنِ بالحديد والنار يسعى لتكريس هيمنته على الشعب بكل الوسائل وأولها ضرب الوحدة الوطنية وإضعاف نسيجه الإجتماعى وفك روابطه فهل من مُـدّكِر.
رد
Top
X

Right Click

No Right Click