أثار الترحيل القسري للإرتريين من الولايات المتحدة الأمريكية

بقلم الأستاذ: سمير محمد - كاتب وناشط سياسي إرتري

الولايات المتحدة الأمريكية وما يثار عليها من لغط بسبب السياسيات الاخيرة ضد اللاجئين

الترحيل القسري للإرتريين من الولايات المتحدة الأمريكية

فيها من قبل هتلر العصر الحديث الرئيس دونالد ترامب والذي يسعى لجني الاموال على حساب الشعوب في استراتيجية الابتزاز التي ينتهجها منذ توليه الحكم ولعل أزمات الشرق الأوسط وتداعياتها الاخيرة اكبر دليل على هذه السياسة البعيدة كل البعد عن حقوق الإنسان والتي تنتهجها اغلب دول العالم الأول مع الدول التي تمر بحروب وكذلك الدول القمعية مثل دولة اريتريا.

ولعل الظروف الصعبة التي يمر بها المواطن الاريتري بسبب ممارسات وانتهاكات الحكومة الإريترية القمعية تجاه شعبها دفعت الكثير منهم للهجرة بغية الوصول لبلاد أمنة متخطين بذلك أشق وأصعب الطرق مواجهين مخاطر الطريق. ومن تلك الهجرة التي يتبعها الإريترين هي الرحيل إلى الولايات المتحدة الأمريكية عبر دول أمريكا اللاتينية مثل البرازيل، البيرو، كولومبيا وغيرها من الدول في أمريكا اللاتينية وفي نهاية المطاف تكون المكسيك هي المحطة الفاصلة للدخول إلى أمريكا.

ولكن حلم المهاجرين والقليل ممن نجوا ووصلوا لأمريكا يفاجئون باعتقال قوات الأمن وحرس الحدود الامريكية لهم في سجون ومعاملتهم معاملة المجرمين بسبب سياسة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وقرارته بشأن سياسة اللجوء حيث تنوي الحكومة الأمريكية بترحيل طالبي اللجوء الاريتريين المرفوضة طلباتهم إلى أريتريا متجاهلين تقارير المنظمات الإنسانية والتي تتحدث عن خطورة ترحيل الاريتريين قسرا إلى ارتريا وهم رهن الاعتقال حاليا في سجون الترحيل المتواجدة في مختلف مدن الولايات المتحدة الأمريكية لاستكمال إجراءات ترحيلهم.

أصبح من الصعب على طالبي اللجوء القادمين بطريقة غير شرعية تقديم طلب اللجوء بسبب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالرغم من أن القانون الأمريكي يسمح لأي شخص حق اللجوء سواء كانوا عند منفذ دخول للبلاد أم لا. انتقدت منظمة العفو الدولية قرار ترامب وقالت: "السياسة تضع، دون ضرورة، حياة الآلاف من الأفراد في خطر". وفي انتقاد للمفوضية السامية للأمم المتحدة والمتخصصة بشؤون اللاجئين قالت: "إن أي شخص يطلب حماية اللجوء أو بحاجة الى مساعدة إنسانية يجب على الولايات المتحدة أن تضمن حصوله عليهما فورا ومن دون عقبات". ولكن في حقيقة الأمر كل تلك الانتقادات والتحذيرات لم تؤثر على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمواجهة المهاجرين القادمين من أمريكا اللاتينية وقد تم نشر جنود على الحدود لمواجهة المهاجرين ومعاملتهم وكأنهم غزاة وليسوا لاجئين، والواضح أن الحكومة الأمريكية ماضية قدما نحو ترحيل الإريترين قسرا وعدم الاكتراث لما قد يواجههم فور وصولهم لبلدهم.

تهديدات الرئيس الأمريكي لمنع دخول اللاجئين لم تقف إلى هذا الحد بل شهدت فترة رئاسته الكثير من الأعمال لمنع طالبي اللجوء من الوصول لأمريكا ومن ضمن تلك الأعمال بناء جدار حدودي بين أمريكا والمكسيك وكل ذلك ليس إلا للفصل بين أمريكا والمكسيك لمنع دخول طالبي اللجوء مسميا ذلك بأنها أزمة إنسانية وأمنية. وقد أدى قرار بناء الجدار الحدودي خلافات بين أعضاء الحكومة مما تسبب في أطول فترة إغلاق للجهاز الحكومي في تاريخ أمريكا. سوف يكلف بناء الجدار الحدودي بين 12 مليار دولار إلى 70 مليار دولار على حسب تقديرات بعض المؤسسات الأمريكية المعنية بهذا الشأن. على حسب ما ذكره مركز بيو للبحوث والمتخصص بتوفير معلومات حول القضايا الاجتماعية والرأي العام والاتجاهات الديموغرافية التي تشكل الولايات المتحدة والعالم " أن غالبية الأمريكيين، 58 في المئة، يعارضون الفكرة، فيما يدعمها 40 في المئة".

بلا شك ترحيل الاريتريين قسرا إلى ارتريا سوف يعرضهم للخطر والتعذيب وفي انتقاذ للأمم المتحدة بخصوص ترحيل الاريتريين قسرا قالت: "لا يوجد أي دليل يثبت سلامة المرحلين من تعرضهم للمخاطر من قبل الحكومة الإرترية". تفيد تقارير الأمم المتحدة بشأن ترحيل الاريتريين قسرا لبلادهم سوف يعرض المرحلين لخطر التعذيب وقد أعربت الأمم المتحدة عن قلقها بشأن حالة حقوق الإنسان في أريتريا ولا تتوقع أن يتحسن الوضع وقد وجد تحقيق أجري بتفويض من الأمم المتحدة أن هناك نمطًا واضحًا لانتهاك حقوق الإنسان في البلاد. يعاني المواطنين الإريتريين من انتهاكات حقوق الإنسان من مختلف الجوانب لأسباب سياسية ، دينية، حرية الرأي والتعبير، التحرر من عبودية التجنيد الإلزامي غير منتهي المدة وكل من يحاول الفرار وفك قيد الرق والاستعباد ينتهي به المطاف في السجن أو القتل والعديد من الانتهاكات الأخرى التي جعلت البلد من أكثر الدول انتهاكا لحقوق الإنسان.

في حقيقة الأمر أن وصول اللاجئين الإريتريين إلى أمريكا لم تكن سهلة بل تكبدت رحلتهم الكثير من المخاطر وتعريض أنفسهم للموت والبعض للأسف لم يحالفه الحظ فكان الموت مصيره فيلقى على امتداد الطريق. يقطع المهاجرون سيرا على الأقدام مسافات طويلة عبر غابات وأدغال لم يسلم الكثير منهم من هجمات الحيوانات المفترسة ومنهم من يغرق في الأنهار حيث أن الرحلة تتطلب اجتياز الأنهار لمتابعة الطريق، وتعتبر رحلة الوصول إلى أمريكا رحلة ملحمية ومن أصعب الرحلات. من صور المخاطر التي يواجهها المهاجرين عبر أمريكا اللاتينية بغية الوصول لأمريكا تهديدات واستغلال من قبل شبكات العصابات المخدرات وقطاعين الطرق التي تنشط على امتداد الطريق وتقوم بإجبارهم لدفع أموال طائلة ومن لا يدفع قد يتعرض للتعذيب أو حتى القتل، وفي النهاية القليل ممن يصلون لأمريكا يتم وضعهم في السجون حتى يتم دراسة طلبات لجوئهم وقد تمتد مدة الاحتجاز اللاجئين لأكثر من ستة أشهر.

وقد حذر محامو الهجرة في أمريكا بأن الإريتريين في الولايات المتحدة الذين رفضت طلباتهم للحصول على اللجوء يقولون إنهم يخشون أن تكون عمليات الترحيل مماثلة لعقوبة الإعدام على حسب مانقلته عنهم ABC News التابعة لهيئة الإذاعة الأمريكية. في السادس من يونيو لعام 2018 قامت دائرة الهجرة والجمارك الأمريكية بترحيل الإريتري زيريسناي إرمياس بعد رفض طلب لجوئه إلى إريتريا بالرغم من تحذيره للحكومة الأمريكية بأنه في حالة ترحيله سيكون عرضة للسجن والتعذيب ولكن لم يسعفه ذلك من قرار الحكومة الأمريكية فأقدم على الانتحار في المطار قبل وصوله لإريتريا.

كل تلك التحذيرات من المنظمات الإنسانية لم تفلح في إقناع الحكومة الأمريكية بعدم ترحيل الاريتريين قسرا لبلادهم على العكس قامت حكومة ترامب بالضغط على الحكومة الإريترية وقامت بالتهديد بتطبيق عقوبات عليها كوسيلة لضغط وإجبار الحكومة الإريترية لقبول الاريتريين المرحلين من أمريكا. على قرار هذا الموضوع رفضت وزارة الخارجية الأمريكية التعليق بشأن قلقها حيال ما إذا كان ترحيل الاريتريين سوف يعرضهم للسجن أو التعذيب فورا عودتهم لبلادهم. والغريب في الأمر صرحت وزارة الخارجية الأمريكية قبلها بالقول: "أن الحكومة الإريترية عذبت وضربت الأشخاص الذين يحاولون الفرار من البلد دون وثائق سفر" ولكن الحكومة الأمريكية الأن مصممة على إعادة الإريتريين بالرغم من اعترافها بخطورة ما سوف يتعرضون له في تناقض صريح بهذا الشأن.

تقوم الحكومة الإريترية بسجن المواطنين الإريتريين المرحلين إليها بسبب فرارهم من انتهاكات لحقوق الإنسان ضدهم وتعتبر الحكومة الإريترية كوريا الشمالية في القارة الأفريقية بسبب انتهاكاتها وكسر جميع قوانين حقوق الإنسان تجاه مواطنيها. وفي متابعة لقضايا الإريتريين المرحلين لبلادهم من الصحفية والناشطة في مجال حقوق الإنسان الإريترية ميرون إستيفانوس قالت: "لقد انتهى بهم المطاف جميعا في السجن".

تقوم العديد من المنظمات الإنسانية بالعديد من المحاولات وذلك لإقناع الحكومة الأمريكية بخطورة ما قد يواجه الإريتريين في حالة ترحيلهم قسرا إلى بلدهم. على الرغم من ذلك نجد عدم استجابة الحكومة الأمريكية لتلك المطالب والنداءات بشكل عام وإصرارهم على المضي قدما لتنفيذ سياسة الترحيل لهم. غير مهتمين لخطورة هذه الاستراتيجية الغير انسانية.

Top
X

Right Click

No Right Click