حقائق عن الوحدة بين فصيلي الجبهة عام 2002م المحاصصة الثنائية الحزبية - الحلقة الثامنة والأخيرة

بقلم المناضل الأستاذ: عثمان صالح - كاتب ومفكر سياسي

التيارات السياسية داخل الجبهة:

ابتداء لابد من القول انه وبالرجوع الى البرامج السياسية والتنظيمية

الوحدة بين جبهة التحرير الارترية و جبهة التحرير الارترية المجلس الوطني

التي تقرها المؤتمرات العامة للجبهة يلاحظ انه لم يكن جريمة مطلقا من الناحية الحقوقية ان يؤمن الجبهجي بفكرة سياسية او ينتسب الى حزب بما في ذلك التنظيم داخل الجبهة.

انما الذي اعتبر ممنوعا وسببا للفصل بحسب الفقرة (أ) من المادة السادسة من البرنامج التنظيمي التي تنص على ان من اسباب الفصل من التنظيم(خرق البرنامجين السياسي والتنظيمي للجبهة وأهدافها وضوابطها العامة) أي ان (يمارس) نشاطا سياسيا مخالفا وضارا بمشروع الجبهة.

وهذا يعني ان عملية الخرق (اي الفعل) هي التي كانت ممنوعة وليس مجرد (الايمان او الاعتقاد) الذي لا يرى الا بعد التطبيق العملي. وبمعنى آخر فان الفكرة او مجموعة الافكار السياسية القابلة للتعايش مع المشروع السياسي للجبهة لم تكن ممنوعة بموجب برامج الجبهة، بل ان الاضرار بهذا الحق الاصيل ترتب على الموقف والممارسة الخاطئة وغير العادلة لحزب العمل الذي منح نفسه حق الممارسة والتنظيم الحزبي داخل الجبهة من جهة وجرم مجرد القناعة والاعتقاد في مواجهة الآخرين من جهة اخرى. وفي تقديري لو كان سمح بممارسة هذا الحق في العلن وحكّم البرنامج السياسي والتنظيمي للجبهة في لجم ما قد يظهر من شطط واعتمد على التقييم والمحاسبة وكذلك المنافسة بقدر مايحقق كل تيار سياسي من انسجام ومحافظة على اطارهم الوطني الذي يجمعهم (الجبهة) بديلا لممارسات الاقصاء والتخوين، ربما لكنا امام حالة اخرى ومغايرة للنتيجة المأساوية التي حلت بمسيرة جبهة التحرير الارترية.

ساتناول في هذه الفقرة الموقف والرؤية المبدئية حيال التيارات السياسية حتى يتبين للعديد ممن حال بعدهم لأسباب ذاتية وموضوعية عن جسم الجبهة في الفترة التي اعنيها بينهم وبين معرفة حقيقتها الداخلية، او من لم يسعفهم صغر سنهم للاطلاع على دقائق الامور من ناحية، وحتى لا يفتح التشويش المتعمد منافذ للتضليل والتعبئة الرخيصة من ناحية اخرى. وفي هذا لن اقول كل ما اعرف فان ذلك ليس من الحكمة ولكنيي ساتطرق الى ما يقتضي الحال ضرورة تسميته من شهود واحوال.

فبعد اتمام الوحدة على المستوى التنظيمي كان الهاجس الذي شغل القائد ابو ابراهيم رحمه الله هو التفكير في بناء سياج سياسي محكم وآمن يحمي الجبهة ويمكنها من تطوير ادائها، سياج من ذاتها ومن داخلها. ولم يكن حينها اي خلاف على رؤية تيارات سياسية حاضرة داخلها عند اتمام الوحدة. والنظرة حيال هذه التيارات لم تكن سلبية ولكن التفكير كان في كيفية ايصال هذه التيارات الى وضع سياسي وتنظيمي تكون فيه قادرة على تأمين الجبهة ورفدها بمزيد من القدرات. وعلى اساس هذه الارضية قاد مشاورات مع من يأنس فيهم الكفاءة والتفهم للمهمة الجديدة.

والحقيقة ان هذه النقاشات حالها حال اية بداية سياسية كانت محاطة بكثير من الحيطة فلم تكن مفتوحة بحيث يراها الكل ولم تكن مغلقة بحيث لا يراها احد. وهو كان يقول بوضوح نحن في هذه المرحلة بحاجة الى (طليعة) تقود الجبهة - هذا هو التعبير - الذي كان يستخدمه في نقاشاته.

وفي نهاية مشاوراته تم الاتفاق على البدء بدراسة امكانية ايجاد ارضية تتأسس عليها هذه (الطليعة) وكونت لجنة لهذه المهمة من (حامد آدم / محمد صالح ابوبكر / حاج ابراهيم من جهة وحسين صالح وعثمان همد وعثمان صالح من جهة) وتم الاجتماع بهذه اللجنة وتنويرها وتكليفها بالمهام المنوطة بها (اشير الى اني تغيبت عن هذا الاجتماع كما لم احضر الاجتماع الاول للجنة التي اعدت وثائق الوحدة) وتم التأكيد في هذا الاجتماع على وجود ثلاثة تيارات سياسية داخل الجبهة أو (حزبين وكشك -بدون تفصيل) وفق تعبير الشهيد ابو ابراهيم.

وكشك تعبير شائع الاستخدام في الميدان يعني شوية / زيادة / وصلة. تياران كانت تحملهما الجبهة وتيار اتى به المجلس الوطني. وانطلقت اللجنة في مناقشات من اجل وضع تصور مقبول وممكن التطبيق ودخلت في مناقشات استغرقت زمنا طويلا بعض الشيء وكانت النقاشات تدور حول البحث عن افضل الطرق واقصرها للوصول الى الهدف المحدد وتم في هذا تناول تصورين:-

1. تحويل تنظيم الجبهة الى حزب.

2. تكوين حزب داخل الجبهة يقودها ويخطط لعملها.

وقبل ان تحسم اللجنة وجهتها حصل تطوران اثرا على سير النقاشات كثيرا. اما اولهما فكان مرض قائد الجبهة واهم اعمدة الوحدة وصاحب المبادرة الخاصة (بالطليعة)، وثانيهما انسلاخ مجموعة من قيادات وكوادر التنظيم وهذا الجزء اخذ معه التكوين الثالث في التيارات السياسية التي اشير اليها اعلاه( ولكني لا ادري هل هو الحزب ام الكشك).

استمرت نقاشات اللجنة سنوات وخلصت في النهاية الى تبني فكرة انشاء (حزب يقود الجبهة) وسرنا باتجاه وضع البرامج السياسية والتنظيمية التي يتأسس عليها وقطعنا بهذا الاتجاه شوطا لا باس به. وبينما الامور في هذا المنحى وفي اجتماع المجلس المركزي الثاني بعد المؤتمر السابع تقدم المناضل حسين خليفة بمقترح (تحويل الجبهة الى حزب) وقد تبناه المجلس المركزي وورد هذا القرار في البيان الختامي للاجتماع.

وقد اعتبر تبني المجلس لهذا تراجعا عن الصيغة التي تم التوصل اليها عبر اللجنة وهو ايضا القرار الذي ظل حبرا على ورق الى يومنا هذا. وبالتالي بقيت التركيبة السياسية التي اشرنا اليها اعلاه على وضعها. وعليه اقول ان الذين يروجون القول بوجود حزب واحد داخل الجبهة عن علم او جهل بحقيقة الوضع داخلها انما يمارسون محض كذب وتعمية وتشويش.

فهل يعقل ان نكون قد قطعنا كل تلك المسافات ونحن في غفلة وعمى عن انفسنا وغير قادرين على اكتشاف حقيقتنا ؟ حقا انه امر لا يمكن تبريره.

Top
X

Right Click

No Right Click