حقائق عن الوحدة بين فصيلي الجبهة عام 2002م المحاصصة الثنائية الحزبية - الحلقة الثانية

بقلم المناضل الأستاذ: عثمان صالح - كاتب ومفكر سياسي

المبادرة ومرحلة البدايات ؟ في تقديري ان التفكير في الوحدة بل الشروع فيها عمليا كان قد تأخر بسبب العراقيل النفسية

التنظيم الموحد

والسياسية والتنظيمية التي خلفها فشل التجربة الوحدوية التي عرفت (بوحدة جدة) في العام 1986م ذلك ان الرغبة في الوحدة بين التنظيمين كانت قد تأسست على قراءة الاخطاء السابقة بالتفريط في مولود الوحدة الذي تمثل في ميلاد (التنظيم الموحد) بتشارك بين جهود ارترية وشقيقة.

تلك الوحدة التي مكنت من توحيد الفصائل التي تنتمي الى تجربة جبهة التحرير ولكن اجهضت في تصوري بفعل تدخلات عدوانية من ناحية وحسابات خاطئة لم يفطن لها اصحاب المصلحة الحقيقية في حينه من ناحية اخرى.

وتحت الضغوط الجماهيرية المتولدة دوما من المطالبة بالوحدة، وما افرزه تحرير ارتريا وموقف زمرة الشعبية التي اسست الدولة الوليدة على عقد واحقاد حقبة حرب التحرير، من اعباء اضافية على الفصائل والقواعد المنضوية تحت تجربة جبهة التحرير بدأ التفكير مجددا في ضرورة تجاوز مخلفات واضرار ظلت تترتب باستمرار ومكاسب سياسية تفوت بفقدان الموقف الموحد.

وكان الجيل الذي صعد الى قيادة جبهة التحرير الارترية (المجلس الوطني) مع مستهل التسعينات يخوض حوارات جدية ويسعى الى ايجاد منصة قادرة على لم شمل المتضررين من الموقف غير الحكيم وغير الوطني لحكومة الشعبية من مكونات الشعب الارتري السياسية والاجتماعية، مستثمرة الاجواء التي اوجدتها الروح العدائية للمجموعة التي يقودها اسياس تجاه دول الجوار ومواقفها وممارساتها المستفزة وتدخلاتها السافرة في الشأن الداخلي لدول الجوار الامر الذي اوجد جوا من التفاهم والتقارب بين معظم مكونات المسرح السياسي حينها وميلاد اطر مشتركة بينها قربت كثيرا من المسافات وكان التحالف الوطني الارتري (1996م) الذي اقامته جبهة التحرير الارترية وحركة الجهاد الارتري (الخلاص فيما بعد والحزب الاسلامي اخيرا) وجبهة التحرير الارترية المجلس الوطني - ومن بعده تجمع القوى الوطنية في العام 1999م، قد ازال الى حد كبير الاحتقان الذي خلفته خلافات مابعد المؤتمر الوطني التوحيدي (مؤتمر عناتر) بين التنظيمين، ومهد الطريق للحديث عما هو ابعد من مظلات مشتركة والانتقال الى حالة اكثر جدية من التقارب والعمل الموحد.

وبدخول الالفية الثالثة كانت اسباب كثيرة قد تهيأت لقيادة جبهة التحرير الارترية المجلس الوطني - لتقتحم اجواء التفاهم والحوار السائد بفكرة جدية لتحمل مبادرة اكثر تقدما وتتوجه بها الى القائد الرمز عبدالله ادريس محمد سليمان رئيس جبهة التحرير الارترية، قوامها دعوة صادقة واستعداد عال من اجل وحدة اندماجية بين تنظيمي جبهة التحرير الارترية وجبهة التحرير الارترية المجلس الوطني، على فهم ان ما يفصل بين التنظيمن هو في الحقيقة متاريس نفسية ويتطلب تخطيها جرأة في مواجهة النفس وحكمة في التعاطي مع المعطيات والواقع الذي خلقه تعنت الجبهة الشعبية وتنكرها لحقوق الارتريين واعراضها عن متطلبات تأسيس دولة مستقلة تحتضن ابناءها. والقاعدة التي اتكأت عليها هذه المبادرة هي ان ما يجمع بين التنظيمين اكثر بكثير مما يفرق بينهما.

هذه المبادرة استقبلها الشهيد عبدالله ادريس شخصيا بتقدير عال وعلى مايبدو حولها الى اللجنة التنفيذية التي التي اشترطت عبر وفدها (سنذكره اذا اقتضت الضرورة ذلك) على المبادرين الاعتذار عما حصل من خلاف بين الشريكين بعد مؤتمر (عناتر) وادى الى الانفصال.

وهو الامر الذي فهمه المبادرون انه عدم رغبة في الوحدة على اساس ان الطرفين شركاء كاملين فيما حصل من التفريط في الوحدة حينذاك - فمن يعتذر لـ(من)؟. وابلغ الاستاذ حسن اسد الراحل عبدالله ادريس بذلك وتوقف الامر عند هذه النقطة الى ان جدد القائد عبدالله ادريس بعدعودته من المانيا الاتصال بالمناضل حسن اسد لاستئناف الجهود من اجل الوحدة.

هنا بدأت مرحلة جديدة من التواصل والعلاقات والنقاشات الثنائية بين أعلى هرم قيادة التنظيمين (وفي ما اعلم فان لقاءات ومناقشات هذه المرحلة اقتصرت على الرؤساء ونوابهم، وهم المناضلون حسن اسد وجيلاني موسى من طرف والشهيد عبدالله ادريس والمناضل حسين خليفة من طرف).

وهذه اللقاءات تناولت كل المعطيات التي كانت ماثلة امام القوى السياسية الارترية التي فرض عليها الاستمرار في مشروع المطالبة بحقوقها المشروعة في التمتع بثمار الحرية التي ناضلوا من اجلها ومقاومة منهج الاقصاء الذي اسست عليه حكومة الشعبية عهد الدولة الارترية المستقلة. وناقشت كذلك كل الاحتمالات التي يمكن ان تتعرض لها فكرة الوحدة لو نجحت وكل الأثار والنتائج التي يمكن ان تنجم عنها لو فشلت في الوصول الى اهدافها بعد اعلان المشروع. وتأسيسا على هكذا احتمال تم الاتفاق في هذه المرحلة ان تسلك المشاورات والنقاشات طريقا خاصا وصفناه في المقدمة بانه اتباع لـ(استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان).

اذن بدأت مرحلة المناقشات الاولى للفكرة ولم يظهر خلال لقاءاتها الجماعية والفردية إلّا هؤلاء الاربعة الذين ذكرتهم (وطبعا هذا لا يمنع من معرفة بقية الطاقم التنفيذي لكل منهما كيف تسير الامور) وهم بطبيعة الحال وبحكم الدور التاريخي لبعضهم في التنظيم والمسئولية الملقاة على عاتقهم يستطيعون قراءة رغبات مرؤسيهم وردود فعل تنظيماتهم.

في نهاية هذه المرحلة وبعد نقاش مطول اتفق الطرفان مبدئيا على صيغة (الوحدة الاندماجية) على اساس (برنامج وطني) يحكم العلاقة بين الداخلين في الوحدة وتنظيمهم الواحد القائم على هدي الوثائق التي سيشار اليها لاحقا.

اذن مشروع الوحدة الاندماجية تمت الموافقة عليه بعد مناقشة وافية للتجربة الماضية وتقليب كل المعطيات والاحتمالات التي تواجه نضالنا من اجل استعادة دورنا وحقوقنا الوطنية والانسانية.

نواصل بإذن الله... في الـحـلـقـة الـقـادمـة

Top
X

Right Click

No Right Click