في انتظار (جودو) بين الواقع والحلم

بقلم الأستاذ: عبدالقادر محمد عمر أفندي - كاتب وناشط حقوقي إرتري - لندن، المملكة المتّحدة

اثناء دراستى في المرحلة الثانوية في مدينة الطائف في المملكة العربية السعودية،

مسرحية

كنت أشترك في نشاطات جمعية الثقافة والفنون المسرحية وأمسيات النادي الأدبي في فترة الاجازة الصيفية، وكلا المقرين لم يكونا بعيدين عن المنزل بمقايس السيارة، وهذين المركزين الثقافيين كانا المتنفس الترفيهي الوحيد حين ذاك، وما بقي من وقت الفراغ كنا نفرغه في ممارسة كرة القدم والتجمع حول لعبة الاتاري والتسكع في المنتزهات العامة ومغازلة غزلان الطائف والمحظوظ منا كان يطلق قدميه لمطاردة القرود في الجبال.

كانت مكتبة النادى الأدبي والمكتبة العامة في المدينة تعج بمكختلف الكتب الادبية والتاريخية والفلسفية ويطول الحديث عن هذه الفترة ولكن في هذه الفترة بالذات وقع بين يدي عملان مسرحيان، احدهما للكاتب السوري سعد الله ونوس - مسرحية المقهى الزجاجي - والأخر للكاتب الايرلندي الشهير (صامويل بيكت) ومسرحيته العبثية (في انتظار جودو)، ومنذ ذلك الزمان وحتى اليوم وربما في المستقبل، أجد نفسي معلقا بـ (جودو) هذا الذي لم يأتي أبدا ولن يأتي، وهي غريزة بشرية بالتعلق بالمستحيل أحينا.

هذا النوع العبثي في الحياة يستمر معنا ومع غيرنا باشكال وابعاد مختلفة، فما اشبه اليوم بالبارحة، ومأ اشبه (جودو) بالسراب يحسبه الظمئان ماء.

فواقعنا الاريتري اليوم هو واقع من يبحث عن المنقذ والمخلص والبطل (جودو) الذي لم ياتي لصاحبه الايرلندي وبالتالي لن ياتي الينا ايضا.

وهنا أتسائل: هل من المنطق والحكمة أن نعيش على عبث استحضار (جودو) من عالم الخيال في هذا العبث المسرحي الذي نعيشه ؟؟ ام أننا نبادر بصنعه من رحم واقعنا وألامنا فنخلص أنفسنا بانفسنا ؟؟ الأيام كفيلة بالاجابة... فنرجوا أن لا تتأخر.

للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

Top
X

Right Click

No Right Click